الله يخلص، يوسّع (عد 14 :30). من قبيلة افرايم (عد 13 :8). خليفة موسى. (أ) زمن البرية. في العهد القديم. يظهر يشوع للمرة الأولى في خر 17 :9-14 حيث يهاجم عماليقَ بناء على أمر موسى. واذا وضعنا هذا المقطع جانبا، نجد أن يشوع لا يتدخل في معارك حربيّة إلاّ في سفر يشوع (6-8، 10-11؛ 12 :7-24؛ رج قض 2 :21، 23). اما الدور الذي يُنسب اليه في خر 17 :9-13، فيجعلنا نظن أننا أمام رجل بالغ، وقد تمرّس في الأعمال الحربيّة. يصفه خر 24 :13؛ 33 :11؛ عد 11 :28؛ يش 1 :1 أنه خادم موسى. ويقول بوضوح إنه صبي، غلام. ويُثبت هذا التفصيلَ عد 11 :28 حيث نجد يشوع خادم موسى منذ حداثته (السرياني، الترجوم). يصوّر طبعُه في خر 32 :17ي. وفي 24 :13 يرافق موسع الصاعد إلى جبل سيناء. يذكره عد 13 :8 مع الاثني عشر الذين أُرسلوا ليجسّوا أرض كنعان. وحين تمرّد الشعب أمام التقرير المخيف الذي قدّمه الجواسيس، احتجّ يشوع وحده مع كالب (عد 14 :6). لهذا كانت لهما نعمة الدخول إلى أرض الميعاد (عد 14 :30، 38؛ 26 :65؛ 32 :11ي). في هذه المناسبة يذكر عد 13 :16 تبديل اسمه من يوشع إلى يهوشع. أراد موسى بهذا التبديل أن يبيّن أنه اتخذ يشوع لخدمته. يروي تث 31 :14، 23؛ عد 27 :15-23 تعيين يشوع كخلف لموسى. ولكن النص الاخير يحتفظ بالوظائف الروحية لألعازر. (ب) احتلال كنعان. 1) حسب أفكار المؤلف الاشتراعي، تمّ احتلال أرض كنعان على مرحلتين متوازيتين : محاولة فاشلة لدخول كنعان من الجنوب (تث 1 :19؛ عد 14 :44ي). بعدها دارت القبائل الاثنتا عشرة حول موآب وادوم (عد 20 :14-21، 20؛ تث 2 :1-23)، وتغلّبت على سيحون وعوج واحتلت أرضهما (عد 21 :21-35؛ تث 2 :24-3 :11). وأعطيت هذه الارض لرأوبين وجاد ونصف منسى، شرط أن يعبر رجالها الاردن مع اخوتهم ليساعدوهم على احتلال كنعان (عد 32؛ تث 3 :11-10). واذ كانت سائر القبائل تنتظر في سهول موآب (عد 36 :13) إشارةَ العبور، مات موسى في ظروف سرية (تث 34 :6)، وخلفه يشوعُ على رأس القبائل. عبر يشوعُ الاردن، وبعد أن احتلّ أريحا (يش 6) والعاي (يش 8)، أحسّ أنه بين أصدقاء في وسط كنعان (يش 8 :30-35). واذ كان الجبعونيون يعقدون عهداً مع يشوع (يش 10 :3-27)، كان ملوك اورشليم وحبرون ويريموت ولاكيش وعجلون يؤلّفون حلفاً ضد اسرائيل. ولكنهم انهزموا وقُتلوا قرب جبعون (يش 10 :1-27). استفاد يشوع حالاً من هذا النصر، ونظّم حملة احتلّ فيها مدن جنوب كنعان : مقيدة، لبنة، لاكيش، عجلون، دبير، حبرون. ثم قام بحملة على يابين، ملك حاصور، وحلفائه فجعل شمال كنعان في يده (يش 11 :1-15). 2) يلمّح سفر يشوع نفسه أننا أمام رسمة سريعة للاحداث : رج يش 15 :63؛ 16 :10؛ 17 :12، 15-18؛ 18 :2 ي حيث يقال مع قض 1 :1ي أن بعض الاحتلالات تُركت للمبادرات الفردية لدى القبائل. رج أيضا قض 2 :3، 21-23؛ 3 :1-6. بالاضافة إلى ذلك، من الممكن أن تكون بعض المجموعات القريبة من الاسرائيليين لم تعبر الاردن، بل دخلت إلى كنعان عبر الجنوب (عد 21 :1-3). فهي مثلا : كالب الذي احتلّ حبرون، عتنيئيل الذي أخذ قرية سفر (يش 15 :13-19؛ قض 1 :12-15)، القينيون الذين دخلوا إلى تامار (عين العروس في جنوبي البحر الميت : قض 1 :16). واذا كان هذا النص الاخير صحيحا، يكون يهوذا قد دخل إلى كنعان من الجنوب. ولكن قض 1 :1-7 يفترض أن يهوذا وشمعون احتلا أرضهما بعد أن جاءا من الشمال. هذه الملاحظة تجعلنا نظن أن خبرًا متأخّرا عن الاحداث، نَسب إلى يشوع احتلالات لم يقم بها مباشرة (ق يش 10 مع قض 1 :5ي؛ يش 14 :13-19؛ ق يش 11 :1-15 مع قض 4-5). ولكن هذا لا يبرّر موقفَ بعض الشراح الذين ينسبون إلى يشوع دوراً ثانوياً جداً، ولا يعتبرون اسمه صحيحاً إلاّ في يش 17 :14-18؛ 24 :1ي. ولكن يبقى يشوع وجها منيرا، لأن يش 24 يجعله مؤسّس حلقة شكيم (12 قبيلة على أشهر السنة 12، امفيكتونيا) التي تجمع قبائل اسرائيل، وهذا ليس بممكن إن لم يكن إسكانهم في كنعان جزءا كبيرا من عمله. ثم، ومن الوجهة الادبية والتاريخية، لا نستطيع ان ننسب إلى شخصية معيّنة تقاليد غريبة (انتصار على أدوني صادق، على يابين ملك حاصور)، إلاّ إذا كان قد حاز على بعض العظمة. فيبدو إذن من الاكيد أن يشوع لعب دوراً هاماً في إقامة بني اسرائيل في كنعان، وأن هذا الدور لم ينحصر في وسط البلاد. كان يشوع رئيس بيت يوسف (افرائيم ومنسى) الذي انضمّت اليه عشائر اللاويين... لم تكن سلطته سلطة ملك بل سلطة رئيس يتمتّع بمواهب خاصة، ولا يتخذ قرارات إلاّ في الاوقات الصعبة وفي ظروف تهمّ كل القبائل. في هذه الحال، كانوا كلهم يطيعونه، وكانوا يحافظون على استقلاليتهم في أمورهم الخاصة. هذا ما يفسر لماذا لم يُذكر يشوعُ في احتلال بيت ايل (قض 1 :22-26). 3) هناك قول يعلن أن الاقامة في كنعان هي نتيجة دخول بطيء وهادئ. ولكن هل هذا القول صحيح؟ فهناك الطابع الايتيولوجي لاحتلال اريحا والعاي وغيرهما. ويبدو أنه كانت هناك قبائل عبرانية في وسط البلاد. واذا كان الاسرائيليون أقرباء عابيرو، ينتج عن ذلك أن شكيم وجوارها كانت في يدهم منذ القرن 14. ويدلّ تك 34 على أن بني اسرائيل كانوا على علاقة مع شكيم منذ زمن الاباء. ويقول قض 9 إن الكنعانيين والاسرائيليين عاشوا جنبا إلى جنب حول معبد بعل بريت (اله العهد). ووجود عشائر صديقة حول شكيم، يفسّر كيف أن يشوع بعد أن اخذ أريحا والعاي، عقد حالا عهدا مع الشكيميين (يش 8 :30-35). ثم إن الإقامة المتوزعة في الجبل ساعدت على احتلال الوسط. 4) متى كان الاجتياح؟ هل نماثل بين بيت يوسف وعابيرو الذين شكلوا حسب رسائل تل العمارنة خطرا على المدن الكنعانية في القرن الرابع عشر؟ وهل يشوع هو ياشويا الذي نقرأه في رسائل العمارنة؟ الاوضاع تختلف في كلا الحالين. وبحثوا عن سند في تدمير أريحا. ولكن قال المنقّبون إن اريحا كانت في البرونز الثالث ضيعة صغيرة. ولكن هناك حفريات تل بيت مرسيم (دبير : يش 10 :38ي)، بيتين (بيت ايل : قض 1 :22)، تل (لاكيش : يش 10 :31-33). تدلّ التنقيبات أن بيت ايل دمِّرت في بداية القرن 13، ودبير بعد ذاك الوقت بقليل. ويمكننا أن نحدد تاريخ حريق لاكيش حوالي سنة 1230. من الطبيعي أن نربط هذا التدمير بإقامة الاسرائيليين في كنعان، لا سيما وأن الحضارة المادية تبدلت كليا حوالي سنة 1200. وهذا يعني أنه من المعقول أن يكون اجتياح القبائل الاسرائيلية لكنعان قد تمّ في القرن 13. (ج) مقبرة يشوع. اذا عدنا إلى يش 19 :50 نعرف أن إرث يشوع كان تمنة سارح (في قض 2 :9 : تمنة حارس) أي خربة تبنة التي تبعد 15 كلم إلى الجنوب الشرقي من بيت ايل. هناك مات وهناك دُفن (يش 24 :29ي).