اولاً : تحديد الكلمة. (أ) الاستعمال العادي. يدل في الاصل على القبائل اليونانية بالمعنى الحصري التي يربط بينها رباط اللغة والحضارة والعادات والدين (القرن 4 او 5 ق.م.). كان يدلّ الاسم آنذاك على أي انسان من أي جنسية كان. يكفي أن يكون تربى حسب قواعد هذه المدنيّة. أما الآخرون فهم برابرة. (ب) الاستعمال البيبلي. في السبعينية. يسيطر الميل السياسي في دا 8 :21؛ 10 :20؛ 11 :2 (ياوان) وفي 1مك 6 :2. أما فيما عدا ذلك (1مك+ 2مك) فتُستعمل الكلمة في معناها الثقافي. مثلا في إش 9 :12، حسب السبعينية. في وقت الترجمة، كان الفلسطيون قد اخذوا بالحضارة اليونانية. وكذلك نقول عن العهد الجديد. فالهلينيّ هو رجل اللغة اليونانية (رج يو 19 :20؛ اع 9 :11؛ 21 :37) بالمقابلة مع البربر (اع 28 :2؛ رو 1 :14). وهذا اليوناني يتعاطف بعض المرات مع الديانة اليهودية (يو 12 :20؛ أع14 :1؛ 17 :4). حين يعني الهليني غير اليهودي عند القديس بولس (رو 1كور، غل، كو)، يجب أن ننسب الواقع إلى أن ميدان عمل الرسول كان المناطق الهلينية في عالم ذلك اليوم حيث لم يكن أمام اليهود إلاّ الهلينيون. بالاضافة إلى الهلينيين، كان بولس يعرف البربر (رو 1 :14) والاسكوتيين (كو 3 :11). فالمعنى الوثني الذي اعطي فيما بعد لكلمة هليني، لا نجده الا في مر 7 :26. ثانيًا : الدعوة الى الخلاص. اذا كان الرضى الذي منحه يسوع لهليني (في مر 7 :26-30) يتحلّى بطابع خارق، فيوحنا ( 12 :20-23 ) يذكر بفرح كيف أن بعض الهلينيين حاولوا الاتصال بيسوع في ساعة تمجيد ابن الانسان. إذا عدنا إلى يو 7 :35، نرى أن اليهود ظنوا أن يسوع سيذهب ويبشر الهلينيين. ولكن بعد أن اتخذ المبادرة يهود قبارصة وقيرينيون من الشتات اليهودي (اع 11 :10ي)، حُفظت هذه المهمة للرسول بولس (أع 14 :1؛ 17 :4؛ 18 :4؛ 19 :10، 17؛ 20 :21). هو رسول الامم (رو 11 :13)، رسول الهلينيين ورسول البرابرة (رو 1 :14). ولكن رسالته تتوجه أولاً إلى الهلينيين الذين يمثّلون بنظره الامم (رو 2 :9، 10، 14؛ 1كور 1 :22-24). ليس الهلينيون على مستوى اليهود (رو 1 :16، 2 :9-10) الذين يشكّلون الشعب المختار الذي وُعد بالخلاص (رو 3 :1ي، 9 :4ي؛ 11 :17-32). ولكن يقدِّم الخلاصُ بعد اليهود للهيلينيين (رو 1 :16؛ 2 :9؛ 3 :9)، لان الله لا يحابي الوجوه، وهو غني بالرحمة لكل من يدعونه (رو 10 :12). فان تخلى الهلينيون عن حكمة اختاروها، يحصلون في المسيح على حكمة الهية (1كور 1 :22، 24)، ويكونون مع اليهود جسداً واحداً بالمعمودية (1كور 12 :13؛ رج اف 2 :14). والكنيسة، كواقع جديد، تسمو على اليهود والهلينيين (1كور 10 :32). فيها يزول كل تمييز بين يهودي وهليني (غل 3 :28؛ كو 3 :11).