رج اسر (رسائل). أولاً : المناسبة. كتب ابفراس، مؤسّس كنيسة كولوسي، إلى بولس (1 :4-9)، وطلب من الرسول نصائح حول الصعوبات التي يجابهها والبدع التي وُلدت في جماعة كولوسي. وإذ كان ابفراس لدى بولس، كتب بولس إلى هذه الجماعة التي لم يكن قد زارها (2 :1). فهذه الرسالة، شأنها شأن رسائل الأسر، كُتبت خلال الوقت الذي كان فيه بولس سجين المسيح في رومة للمرّة الأولى (61-62). ثانيًا : المضمون والتصميم. ألمح القديس بولس إلى بدعة الكولوسيّين. ما هي هذه البدعة؟ لا نعرف بالضبط. إنما نقدّم افتراضًا. هي بحث عن معرفة نظريّة لا تستند إلى الوحي (2 :8). ثمّ هي نسك يقوم بممارسة الشريعة اليهوديّة (2 :16، 21، 23)، والامتناع عن المشروبات المسكرة (2 :16؛ رج رو 14 :21). وهي أخيرًا تعلن عبادة مفرطة للملائكة (كو 2 :18). رج "عناصر الكون" أو "قوى الكون الأولية"، في 2 :8، 20 وهي عبارة تدلّ بلا شك على الملائكة الذين يوجّهون قوى الطبيعة. والعلاقة بين البحث والنسك واضح. فالفكرة التي تقول إن الامتناع عن الملذات الماديّة تنمّي المعرفة، فكرة منتشرة في العالم القديم. أمّا الرباط بين ممارسة الشريعة وعبادة الملائكة فهو عائد إلى الفكرة عن الملائكة الذين ظنّهم العالم اليهوديّ وسطاء في نقل الشريعة. بالنسبة إلى بولس لقد انتهى دورُهم مع المسيح. يواجه بولس هذه البدعة بإعلان أولويّة المسيح المطلقة. له ملء الحياة الإلهيّة (1 :19؛ 2 :9). هذا يعني إلغاء كل وسيط آخر. إنه يملك على الكون كلّه وبالتالي على القوى السماويّة (1 :15؛ 2 :10). قهرها (2 :10) وصالحها (1 :2) خاضعًا للشريعة التي دافع عنها. وإذ عمل هذا، جرّد هذه القوى من سلاحها (2 :14؛ أف 2 :15؛ غل 3 :3؛ 4 :4). والمسيحيّون المتّحدون بالمسيح كرئيسهم ورأسهم (1 :18؛ 2 :19) يشاركونه في هذه الحرية. ولكن هذا الاتحاد يفرض عليهم أيضاً أن يعيشوا كأناس جدد وُلدوا لحياة جديدة (ف 3). بعد هذا، يبدو تصميم الرسالة واضحًا. بعد مقدمة (1 :1-14) يعالج القسم التعليميّ أولويّة المسيح على عالم الأرواح (1 :15-2 :3). ويحذّر القسم الهجوميّ من الضلال (2 :4-23). ويستخلص القسم العمليّ استنتاجات عن وحدة المؤمن الروحيّة مع المسيح (3 :1-4 :6). وتتضمّن الخاتمة نصائح شخصيّة وسلامات وبركة (4 :7-18). ثالثًا : صحّة الرسالة. هل تنسب كو حقًّا إلى بولس الرسول؟ هذا ما اعترض عليه بعض النقّاد منطلقين من الفن الأدبيّ الخاص. وقابلوا بين كو وأف، والقرابة أكيدة بحيث لا نستطيع أن نفصل الواحدة عن رفيقتها. لقد ظهرت الصعوبات عندما درسنا الرسالة إلى أهل أفسس. بعد هذا شدّد النقّاد على صعوبات من النوع التاريخيّ. قالوا : نجد في كو آثار الغنوصيّة (ظهرت في القرن الثاني). إذًا تعود كو إلى القرن الثاني. ولكن فحصًا دقيقًا بيّن أن الغنوصيّة في شكلها التمهيديّ أقدم من المسيحيّة. وعارض ناقدون وحدة الرسالة. ولكن الوحدة واضحة من التصميم الذي قدمناه.