عُرف الشعبُ العبراني بعبادة يهوه الاله الواحد. وعَرف أيضا في تاريخه عبادة آلهة آخرى. بل صنع أصنامًا عبدها كما في البرية مع العجل الذهبي (خر 32). ماذا يقول العهد القديم في عبادة الأصنام؟ منع الدكالوغ (الوصايا العشر) بشدّة عبادة الأصنام : فالرب اله غيور لا يحتمل آلهة أخرى، ولا صوَرها بجانبه (خر 20 :3-6؛ تث 5 :7-10). عبد أجدادُ ابراهيم الآلهة الغريبة مع الههم (يش 24). وسرقت راحيل تمائيل صغيرة للابان (تك 31 :30، 32-35). آمن بنو اسرائيل بوجود حقيقيّ لآلهة الشعوب : الآَلهة الكنعانيّة. ثم الآلهة الاشوريّة والبابليّة (1مل 14 :22-24؛ 2مل 21 :2-9؛ هو 2 :8-13؛ عا 8 :14؛ إر 2 :23-28). أما مؤمنو الرب الحقيقيون فاعتبروا عبادة الأصنام خيانة لله، وسمّوها في اللغة الرمزية "زنى" (هو 2 :2-13؛ إر 2 :23). ونلاحظ زمنين خاصين في "زنى اسرائيل" على مثال الممارسات الدينيّة التي يأخذ بها جيرانه : في أيام يريعام، عبادة يهوه في شكل صنم (1مل 12 :28-32). وبعد ذلك، التخلّي عن يهوه وصنع الأصنام (خر 16 :17؛ 23 :24). مقابل هذا، أعلن الاعترافُ اليهوي المركزيّ، أن الرب هو وحده الاله الحقيقيّ، وأن لا إله سواه (تث 4 :35؛ ار 2 :1؛ إش 41 :29؛ 46 :9. وأهان الأنبياء البعل، وهزئوا بسائر الآلهة التي يتوجّه إليها بنو اسرائيل (1مل 18 :26؛ هو 2 :5-13؛ إش 44 :6-23)، وبالاصنام التي يعبدون (إر 2 :5، 11؛ 5 :7؛ حز 6؛ عا 2 :4). وكانت حرب السخريّة ضدّ ضعف الأصنام التي هي كتلة خشب قُطعت في الغابة (إش 2 :21؛ إر 10 :2-3؛ حب 2 :18؛ مز 115 :4-7؛ 135 :15-17). هزئ الكاتب بصنع الأصنام من الخشب أو من الحجر الذي لا ينفع لشيء آخر (إش 40 :18-20؛ 41 :6-7؛ حك 13 :9-19؛ با 6). واعتبر سفر الحكمة أن الصور المصنوعة تذكرًا لميت أو إكرامًا لملك، والتي صارت فيما بعد موضوع عبادة، هي إحدى أسباب عبادة الأصنام (حك 14 :15-21؛ رج سيب 3 :545-546). واعتبر العالم اليهوديّ اللاحق آلهة الوثنيين وكأنها غير موجودة، كأنها ميتة. واعتبرها أيضًا ارواحًا أو ملائكة أقامها الله لتملك على الشعوب (تث 32 :8 حسب السبعينية؛ 1أخن 89 :59؛ يوب 15 :30-31). أو أرواحًا شريرة وشياطين (تث 32 :17 حسب السبعينيّة؛ با 4 :7؛ 1أخن 19 :1). وإن مترجمي العهد القديم إلى اليونانيّة قد ترجموا مختلف الألفاظ العبريّة (ج ل ل ي م. ف س ي ل ي م) التي تدلّ على الأصنام بلفظة "ايدولون" التي تعني في اليونانية الدنيويّة : صورة، تمثّل، ثم اتخذت مدلولاً خاصًا في اليونانيّة البيبليّة. وفي العهد الجديد، ظلّ تصوّر العهد القديم حاضرًا. فالآلهة الوثنيّة وصورُها هي "ايدولون"، هي ترهات، كائنات ضعيفة (أع 7 :41؛ رو 2 :22؛ 1كور 8 :4، 7). لا شكّ في انها ليست بآلهة حقيقيّة (غل 4 :8) بل اختراعات قام بها شرّ البشر (رو 1 :23). فمن توجّه إلى هذه الأصنام، أغاظ الله. والعبادة التي تُرفع إلى الأصنام إنما تُرفع إلى الشياطين (1كور 10 :19-22). واذ أرادت جماعة أورشليم أن تتجّنب كل مساومة مع عبادة الأصنام، أوصت حتى بالامتناع عن أكل لحم الذبائح التي تُنحر إكرامًا للآلهة (أع 15 :29). ووسّع بولس هذه التوصيّة حتى على الذين لا يعلّقون أية أهمية على الأصنام، كي لا يشكّكوا ضعافَ الإيمان (1كور 8 :4-13). وفي لائحة الرذائل المذكورة في المسيحيّة الأولى، نجد عبادة الأصنام التي تمنعنا من الدخول إلى الملكوت (غل 5 :20). إذن، نهرب منها (1كور 10 :7؛ رو 2 :2؛ 1يو 5 :21).