عاصمة عيلام القديمة. تقع على نهر أولاي (اليوم : كرخة). كان ملوك الفرس يقيمون فيها بعض المرات (نح 1 :1؛ اس 1 :2). شوشن هي المكان الوحيد الذي اكتشف فيه المنقّبون أشياء عيلاميّة. احتلّ الفرس عيلام سنة 596، وبنى فيها داريوس قلعة وقصرًا. أعطاها أنطيوخس الأول سوتر (293-261) اسم سلوقية. ماذا قالت التنقيبات عن شوشن؟ نقسم الكلام بين الزمن السابق للأخمينيّين، ثمّ الزمن الممتدّ من الأخمينيّين إلى الفراتيّين. عُرفت شوشن منذ الألف الرابع في جماعات عاشت من الزراعة ومن الصيد، وتركت وراءها فخاريات جميلة وملوّنة. بعد ذلك، توسّعت حضارة على مستوى المدينة فولّدت كتابة صَوريّة (بكتوغرافيك) ثمّ سطوريّة (على السطر) استعملت منذ منتصف الألف الثالث. والحسابات التي وُجدت دلّت على أن دولة شوشن تنظّمت منذ ذلك الوقت على مثال سومر القريبة. اتّصلت شوشن بالسومريّين فأعطوها الكتابة المسماريّة التي عرفتها بلاد الرافدين. في القرن 22 ق.م.، أعلن أمير شوشن "كوتيك إن شوسيناك" الذي كان حتى ذلك الوقت تابعًا لملك أكاد، استقلاله عن الأكاديّين واجتاح بابلونية. باءت هذه المحاولة بالفشل. ولكنّها دلّت على أهميّة شوشن. في زمن سلالة أور الثالثة، ارتبطت المدينة بملوك أور. ولكن إنداتو الأول، حاكم شوشن، استطاع أن يكوّن دولة عيلاميّة قويّة. فشيّد الأسوار حول المدينة التي بنى فيها الأحياء وجمّلها. بعد ذلك، خضع الشوشنيّون لملوك لارسا (بابلونية). ولكنّهم، سنة 1800، أزاحوا النير الرافديني ونعموا باستقلال دام قرابة قرن من الزمن. وانكسفت شوشن قرونًا عديدة لتتحرّر سنة 1300 من الاحتلال البابلي. وما تأثّرت بصعود "دور أونتاش" العاصمة الجديدة التي شيّدها الملك "أوتاش خومبان" (1265-1245). انتصبت دور اونتاش (ابتعدت 42 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من شوشن) على موقع "تشوغا زنبيل" حيث اكتُشفت زقورة وقصر يعودان إلى القرن 13. ولكن حوالى سنة 1100، سقطت مملكة عيلام بيد البابليّين وأكلها النسيان لحقبة امتدّت ثلاثة قرون. ولكنّها ظهرت من جديد في القرن 8 كعاصمة إمارة عيلاميّة تتبع مصير عيلام في السرّاء وفي الضرّاء. اجتاحها الأشوريّون بوحشيّة كبيرة سنة 646 ق.م. (رج إر 49 :35-38)، وانتهكوا حرمة المدافن الملكيّة، وأرسلوا الآلهة إلى أشورية، وسبوا السكان إلى السامرة (عز 4 :9-10). وحين سقطت أشورية، استعادت شوشن الحياة، وأعاد إليها ملك بابل نبو فلاسر (625-605) آلهتها. ولكنّ خلَفه نبوخذ نصر الثاني احتلّ شوشن سنة 596595 ق.م. ولمّا احتلّ كورش بابل سنة 538، ضُمَّت شوشن إلى الإمبراطوريّة الفارسيّة. في أيام الفرس الأخمينيّين، صارت شوشن إحدى عواصم الإمبراطوريّة. شيّد فيها داريوس الأول قصرًا فخمًا (أفادانا)، وجعل للمدينة بابًا شاهقًا كشفت عنه الحفريّات. وبنى فيها ارتحششتا الثاني قصرًا آخر على الضفّة المقابلة، الضفّة الغربيّة لنهر شادور. أقام نحميا في أحد هذه المقامات الملكيّة ومارس وظائف في أيام ارتحششتا الأول أو الثاني (نح 2 :1؛ رج 1 :1). وفي القصر الذي شيّده احشويروش الأول، أقام أحشويروش الذي يتحدّث عنه سفر أستير (أس 1 :2). بل إنّ خبر أستير كلّه يحصل في ذلك القصر، وقد دُوّن في فترة صارت شوشن مدينة كوسموبوليتيّة (مدينة على مستوى الكون)، في أيام السلوقيّين والفراتيّين. كان الاسم الرسمي للمدينة "سلوقية أولاي". ولكننا نجد اسم "شوشن هابيرة" (مدينة شوشن القويّة) في المشناة (مدوت 1 :3؛ كلائيم 17 :9). اتّخذت المدينة الطابع الهلينيّ. واسم بطلة استير هو اسم يوناني (يعني النجمة). نحن بعيدون عن عشتار. هذا مع العلم إنّ إلاهة شوشن الكبرى هي نناية التي تماهت مع أرطاميس. أما الإله الذكر فهو نبو (يقابل أبولون في العالم اليونانيّ) الذي أنشد في اليونانيّة، في القرن الأول ق.م.، باسم "مارا" (السيّد).