1) العهد القديم. إن رجل ا الذي نسمّيه في العهد القديم "الخادم" هو ذاك الذي يخدم في المعبد (عز 7 :24). أو هو خادم شعائر العبادة، والعبد (في العبرية : ع ب د. في اليونانية : دولوس، إش 61 :6؛ مز 103 :21). في الأزمنة القديمة، كان الخادم رب البيت (أو : أبا العائلة). وكان ينحر الذبائح من أجل جماعته الصغيرة أو عشيرته، بجانب الكهنة العاديين على المشارف. وهناك أيضاً الأنبياء، أكانوا من جماعة الملهمين مثل أليشع، أو يمارسون مهنة النبوءة مع مهنة أخرى، مثل عاموس (7 :14) أو حزقيال، أو كانوا موظّفين رسميين في بلاط الملك (كانوا 400 في أيام اخاب، حسب 1مل 22 :6). بعض منهم لم يتقبّله الناس فعذّبوه وقتلوه. إن الأنبياء يعطون بشكل عام فرائض حول شعائر العبادة، حسب كلمة ا التي تلقّوها. إذن، هم خدّام. و الملوك كانوا بطريقتهم خدّام ا في اسرائيل : كانوا ينالون مسحة الزيت (شاول : 1صم 10 :1؛ داود : 1صم 16 :13؛ سليمان : 1مل 1 :39؛ ياهو : 2مل 9 :6). مثل هذا الطقس يمنح الانسان تكريسًا حقيقيًا. فالملك يُشرف على الذبائح الاحتفاليّة، ويشارك في أعمال ا من أجل شعبه، وهو المسؤول عن خطايا هذا الشعب. ينال الروح القدس مثل نبيّ. هو ممسوح الرب و "مسيحه" على الأرض. وقد سمّته بعض النصوص ابن العلي الممسوح (مز 2 :7؛ 45 :8). اختاره ا وجعله في وظيفته كممثّله لدى الأمّة، وكممثّل الأمّة لدى ا. 2) العهد الجديد. ^ أولاً : قطيعة وتواصل مع العهد القديم. هناك اختلافات واضحة على مستوى الخدم بين العهد القديم والعهد الجديد. ففي اسرائيل ينتقل الكهنوت بالوراثة وهو محفوظ لقبيلة لاوي وحدها، ولعشيرة هرون. وجوهر الوظيفة الكهنوتيّة هو تقديم الذبائح. أما عند المسيحيين، فا وحده يختار الاشخاص ويدعو من أجل خدمته. ثم ألغيت الذبائح بعد أن صار المسيح الذبيحة الوحيدة والنهائيّة التي تقدّم . إن المسؤولين عن شعائر العبادة وعن تدبير الكنيسة ليسوا كهنة (ك هـ ن ي م، في العبرية، هيارايس في اليونانية)، وليسوا أناسًا مكرّسين. بل هم بشكل حصري "دياكونوي" أي خدّام يمارسون خدمتهم بأشكال متنوّعة (دياكونيا، 1كور 12 :5). فكل وظيفة جماعيّة في الكنيسة هي خدمة، منذ خدمة الرسل (أع 1 :25؛ 6 :4؛ هكذا يسمّي بولس نفسه : أع 20 :24؛ 21 :19؛ رو 11 :13؛ 2كور 3 :6؛ 4 :1؛ 5 :18؛ 11 :15، 23؛ أف 3 :7؛ 4 :12؛ كو 1 :23؛ 1تم 1 :12؛ 2تم 4 :5) والشهود للانجيل (1كور 3 :5؛ أف 6 :21؛ كو 4 :17؛ 2تم 4 :5؛ 1بط 4 :10، 11) وحتى المسؤولين عن خدمة الموائد (أع 6 :2). ومع ذلك، ورغم الظواهر، وحيث تجذّرت الكنيسة في العالم الهليني، فهي ظلّت في جوّ التقليد اليهوديّ في ما يخصّ الخدم، كما في غير هذا من المجالات. وهذا ما نجده في عدد من الخدم المسيحيّة. هناك أولاً النبيّ (بروفيتيس) الذي يشبه أنبياء العهد القديم : أغابوس (أع 11 :28؛ 21 :10-11). بنات فيلبس، أحد السبعة (أع 21 :9). وثانيًا المعلم المسيحيّ الذي هو قريب من الرابي في اسرائيل. هو يعرف الشريعة، يرى الأمور عن بعد، ويجري المعجزات. وثالثا الشيوخ (براسبيتاروس)، والشمامسة (دياكونوس) و الاسقف (ابسكوبوس). ثانيًا : ترتيب الخدم. هناك اختلافات ملحوظة في ترتيب الخدم، وهذا ما يعكس تنوّع الكنائس في ارتباط بالتقاليد المحلّية أو القواعد التي تركها الرسل المؤسّسون. إذا كان الرسول هو دومًا في رأس اللائحة، فيمارس سلطة لا نقاش فيها في أي مكان، سواء مارسها بنفسه أو بواسطة موفده، فهذا لا يصحّ بالنسبة إلى سائر الخدم. مثلاً، لماذا ذُكر الاسقف في فيلبي في صيغة الجمع (الاساقفة) ولم يُذكر إلّا في المفرد في سائر الكنائس البولسيّة (1تم 3 :2؛ تي 1 :7؛ رج أع 20 :28)؟ لماذا يلعب يعقوب، "أخ" الرب دورًا أوليًا في كنيسة أورشليم؟ ونقرأ لوائح الخدم في الرسائل البولسيّة، فإذا هي لا تتوافق في التفاصيل. فاذا وضعنا رو 12 :6-8 تجاه 1كور 12 :8-10، 28؛ أف 4 :11، نجد نفوسنا أمام جسد المسيح الواحد، ولكن الأعضاء ليسوا هم هم. مثلاً، في رومة، تسيطر خدمة المساعدة والتدبير. وفي كورنتوس، الخدم المواهبيّة. اهتمت رومة بالتعاون الاخوي، وكورنتوس بمواهب الروح. ونستطيع أن نميّز نمطاً اورشليميًا (يهودي مسيحيّ) مع التراتبيّة والاستمراريّة في المؤسّسة، ونمطاً بولسيًا (مسيحي من أصل وثني) متحررًا وروحيًا. كما نستطيع أن نتحدّث عن نمط عتيق قريب من الرسل الأولين، وشكل متطوّر يمثّله أع وبعض الرسائل البولسيّة المتأخّرة. ثالثًا : الاختيار. ا وحده هو الذي "يصنع" الخدّام. هو لا يخلق الخدمة، بل يقدّم الخدّام. في 1كور 12 :28، ا هو الذي جعل أولاً الرسل ثم الأنبياء والمعلّمين. في أف 4 :11، يسوع هو الذي وهب البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض الآخر أنبياء. أعطي للواحد كلمة حكمة ولآخر كلمة معرفة. هو المجهول الإلهي. هذا يعني أن ا هو الذي جعل خدّام الكلمة في الأماكن التي هم فيها. في مر 3 :14، 16، يسوع "صنع" الاثني عشر. وفي أع 1 :24، كانت صلاة : عيّن يا رب من اخترت للخدمة والرسالة.