اسم نجده عند فلافيوس يوسيفوس وهو يدلّ على عائلة المكابيّين وسلالتهم. فإذا رجعنا إلى "العاديات اليهوديّة" (11 :111؛ 12 :652) نعرف أن سمعان جد متثيا لقِّب "ابن حشمون". هذه الملاحظة خاطئة لأن متتيا يسمّى في مكان آخر (الحرب اليهوديّة) حشمون. قد يكون حشمون لقبًا بل شكلاً آخر لاسم سمعان في العبريّة هو شمعون أو هاشموناي. في الواقع، الحشمونيون هم اسم أعطي لسلالة تحدرتّ من سمعان المكابيّ، وقد يكون جدّها سمِّي حشمون. تضمّنت على التوالي يوحنا هرفانوس الأول (104-103)، وابنه الاكبر أرسطوبولس (103-76)، وابنه الثالث الاسكندر ينا (103-76) واسكندارة زوجة الاسكندر (76-61) وهرفانوس الثاني الذي أبعد عن السلطة ورئاسة الكهنوت سنة 40. كان سمعان عظيم الكهنة والوالي (اتنارخس) ورئيس (هيغومينيس) اليهود، وقد حصل على استقلال كاف ليؤرّخ أعمال سنوات كهنوته (143). وحمل ابنه بلا شك ذات الألقاب. حاول انطيوخس السابع أن يستعيد سلطته المباشرة على فلسطين، فأجبر يوحنا هرفانوس الأول لفترة من الزمان أن يدفع الجزية. ولكن انحطاط السلالة السلوقيّة أتاحت له أن يستعيد الاستقلال التام. وحاول ابنه ارسطوبولس أن يأخذ لقب ملك. ولكنه مات قبل أوانه، وقد لاحقه الندم لأنه قتل ظلمًا أخاه أنطيغونيس. ولقد دلّت النقود، بعد بضعة سنين، أن الاسكندر جنايوس تخلّى عن لقب ملك، أقلّه بالنسبة إلى اليهود. ولقد قام الحشمونيون بسياسة خارجيّة توسّعية أتاحت لهم أن يستعيدوا بناء مملكة مستقلّة في فلسطين، تسبيقًا لمملكة هيردوس. لما مات سمعان المكابي، أنحصرت الأرض اليهودية بيهودا وبضع مقاطعات صغيرة نالها يوناثان في الشمال والشرق. وأمّنت اللد ويافا طريقًا إلى البحر. أما خلفاؤه فبدوا غزاة وفاتحين : أخضع يوحنا هرفانوس الأول السامرة (ودمّر هيكل جبل جرزيم)، وأدومية، وبيريه، وأزوت (أو : أشدود)، ويمنية. وأرسل ارسطوبولس انطيغونيس ليحتلّ الجليل،كلّه أو بعضه. وتابع ارسطوبولس العمل، فوصل إلى الساحل في الغرب، وإلى الجولان في الشرق. وفي سنة 76 ق.م. ضمّت المملكة الحشمونيّة الجليل، السامرة، اليهودية، أدومية، الساحل من جبل الكرمل إلى رافيا (رفح). كما ضمّت في شرقي الاردن قطعة أرض تمتدّ من بحيرة الحولة إلى البحر الميت. ولكن رغم هذه النجاحات، لم تحصل السلطة الحشمونيّة على الإجماع، بل فقدت سريعًا كل ثقة. فنسلُ أونيا الثالث عارض كهنوتهم، وكانت المقاومة من قبل العائلات الكبرى في الصادوقيّين الذين سيتصالح معهم في النهاية اسكندر جنّايوس. أما الفريسيون الذين بدوا متحفّظين بالنسبة إلى طبع البلاد بالطابع الهليني، فقاموا بنقد لاذع للنظام، فاضطهدهم اسكندر جنّايوس اضطهادًا مريعًا. أما الاسيانيون الذين تفرعوا من الحسيديم (الاتقياء ) والذين تنظّموا، على ما يبدو، في زمن يوناثان، فقد رذلوا كهنوت الحشمونيّين، ورفضوا من حيث المبدأ أن يشاركوا في شعائر العبادة في هيكل اعتبروه نجسًا. حين مات جنّايوس، ترك السلطة لامرأته اسكندارة، والكهنوت الأعظم لبكره هرفانوس الثاني. كانت الملكة تقيّة، فرضيت عن الفرّيسيّين. ولكن هذا جعلها تلقى معارضة الأرستوقراطيّة التي قادها ابنها الثاني ارسطوبولس. ولما ماتت الوالدة، تنازع الشقيقان حول السلطة. وإذ لم يستطيعا أن يفضّا خلافهما، احتكما لدى بومبيوس (64-63) الذي ترك في الحكم هرقانوس (الذي كان الاضعف) واقتاد ارسطوبولس (الذي كان أكثر اندفاعًا) أسيرًا إلى رومة. وهكذا سقطت فلسطين في يد رومة، وانفتحت الطريق أمام طموحات هيرودس