أوّلاً : المضمون. (أ) اشتكى النبيّ مرّتين من الظلم الذي يسيطر في البلاد (1 :2-4، 12-17). فأجابه ا مرتين (1 :5-11؛ 2 :1-5). وبيّن له العمل الذي يتمّه. (ب) ويرتبط بالجواب الثاني خمسةُ "ويلات" ضد الظالم الكافر (2 :6-20)، مؤسَّسة كلّها على التعدّي على الحق، ما عدا الويل الأخير. (ج) نشيد (أو رؤية بشكل نشيد) ينشد ظهورَ الربّ الذي يحارب الكافر (ف 3). عنوان هذا النشيد (وُضع فيما بعد) : صلاة النبيّ حبقوق. ثانيًا : وحدة النبوءة إنّ المرثاة في 1 :2-4 تجد امتدادها في 1 :2-17. وهكذا يقطع 1 :5-11 (قضيب الانتقام) تسلسل الأفكار. هناك من صحّح النص فجعل كتيم (أو المكدونيّين) محلّ الكلدانيّين (1 :6). وهناك من جمع 1 :2-412-13 أ3 :17-19، وجعلها مزمور توسّل فردي لا ينطبق على قوّة سياسيّة خارجيّة. ولكن الشرّاح يعتبرون اليوم أن ف 1-2 يشكّلان وحدة متكاملة. أمّا ف 3 فيبدو أنّه مزمور استُعمل في الصلاة الليتورجيّة (العنوان : كلمة سلاه، الخاصّة بالمزامير في آ3، 9، 13). ثمّ دخل في سفر حبقوق بسبب طابعه العام. وأخيرًا زيدت عليه آ17-19. ثالثًا : متى دوّن حبقوق يتحدّث السفر عن الكلدانيّين. وإذا الظالم هم الأشوريّون أو نخو الفرعون المصريّ أو الملك يوياقيم أو الكلدانيّون أنفسهم. وهكذا يكون كُتب حوالي سنة 600. أما الذين يجعلون المكدونيّين محلّ الكلدانيّين فيجعلون تأليف الكتاب في أيام الفرس أو المكدونيّين. رابعًا : تعليم حبقوق يعلن حبقوق الخلاص. هو لا ينبّه ولا يهدّد الشعب اليهوديّ. فالخطر آتٍ من الخارج. بعد موت يوشيا، خضع الشعب لمحنة قاسية : حين ظلّ العدّو يتابع هجماته لم يتحرّك ا. لهذا تشكّى النبيّ. فأجابه الربّ مرّتين وذكّره ببرّه : إنّه لا يزال يحمي مؤمنيه. فالقوّة المؤسّسة على الكبرياء والعنف لا تثبت أمامه (1 :11، 2 :4). هذه الكلمة الأخيرة جعلت النبيّ يعلن الويل على الظالم (2 :6-20)، وينتظر بثقة عظيمة تدخّل ا (ف 3). أمّا الفكرة الأساسيّة في نبوءته فيعبَّر عنها في الآية : "أما البار فبإمانه يحيا" اي البار يحيا بأمانته (2 :4)، وعلى هذه الآية، أسّس بولس تعليمه الغنيّ عن الإيمان، في الرسالة إلى رومة بشكل خاص. خامسًا : اكتشافات حديثة وُجدت لفيفة حبقوق مع لفائف عبريّة أخرى في مغارة عين فسجة شماليّ غربيّ البحر الميت. هذا النص يعود إلى ما بين القرن 2 ق.م. وسنة 70 ب.م. يتضمّن ف 1-2 مع شرح رمزيّ يمجّد معلّم البرّ ورئيس جماعة العهد. ما نلاحظه هو توافق نص البحر الميت والنصّ الماسوريّ. والفروقات هي في طريقة الكتابة فقط.