كانت ارمينيا أول أمة أخذت بالمسيحية ديانة رسميّة. ففي سنة 301، اعتمد الملك تيريدات الثالث من يد غريغوريوس المنوّر. أما الكنيسة الارمنيّة فظلّت سحابة قرن من الزمن تستعمل السريانيّة واليونانية من أجل شعائر العبادة وفي الادب. وفي النصف الاول من القرن الخامس، نظّم مسروب مختوتز (راهب وكاهن، توفيّ سنة 439) الكتابة الارمنية. عند ذاك صارت الارمنية لغة مكتوبة "غرابار". وكانت البيبليا أول كتاب نُقل إلى الارمنيّة. كان مسروب نفسه مسؤولاً عن ترجمة سفر الأمثال والعهد الجديد. وتمّت ترجمة سائر الاسفار المقدّسة سنة 410-414. بمعاونة ساحاق، جاثليق الكنيسة الارمنيّة، مع بعض مساعديه. إن قانون (لائحة اسفار ) العهد القديم الارمني يتضمّن في ما يخصّ العهد القديم "خبر يوسف واسنات" و "وصيّات الآباء الاثني عشر". وفي ما يخصّ العهد الجديد "رسالة الكورنثيين إلى بولس"، و "رسالة بولس الثالثة إلى الكورنثيين". وتتميّز الترجمة الارمنيّة باسهابات وتكيّفات توخّت توضيح النصّ. واشتهرت ترجمة انجيل مرقس في مخطوط يعود إلى القرن التاسع بعبارة تنسب إلى "الكاهن ارستون" الخاتمة الطويلة التي لا يعتبرها العلماء من قلم مرقس (مر 16 : 9-20). هل هو ارستون، تلميذ الرب، كما يقول بابياس؟ هل هو ارستون ابن "بلا" في الاردن؟ ويُطرح سؤال : عن أي لغة نُقلت البيبليا الارمنيّة؟ يقول بعض مؤرِّخي ارمينيا القدماء، عن السريانيّة، والبعض الآخر عن اليونانيّة. ومثلهم يقول العلماء اليوم، غير أنهم يتساءلون عن نص السبعينية والعهد القديم الذي كان بين أيدي المترجمين. والذين يقولون إن المترجمين عادوا إلى السريانية، يعودون إلى السريانيّة العتيقة. أما سفر الرؤيا فيبدو أنه نُقل عن اللاتينيّة العتيقة. وهناك رأي ثالث يقول انه كانت ترجمتان متميّزتان عن اليونانيّة وعن السريانية، ثم دُمجتا. أما رأينا الشخصي، فهو أن الترجمة بدأت من السريانيّة، ومبشِّرو ارمينيا هم السريان الذين جاؤوا إلى تلك البلاد ومعهم كتبهم المقدسة. وكانت إعادة نظر في النصّ الارمنيّ على ضوء السبعينيّة اليونانيّة. ونشير أخيرًا إلى تأثير الدياتسارون السرياني على العهد الجديد الأرمني. سميت الترجمة الارمنيّة "الاولى" الارمنيّة العتيقة، وأعيد النظر فيها مرارًا ولا سيّمـا في ما يخصّ العهد القديم، على ضوء الهكسبلة اليونانيّة. فنحن نجد في بعض المخطوطات العلامات التي تدلّ على أكيلا، سيماك، ثيودوسيون. نُشرت البيبليا الارمنيّة على يد زهرابيان الذي عاد إلى مخطوط يعود إلى سنة 1319 (رقمه 1508 في المكتبة المخيتارية في البندقية بايطاليا). وعاد الناشر إلى 8 مخطوطات من العهد القديم، و 34 من العهد الجديد. ولكنه لم يعرّفنا إلى هذه المخطوطات. كما نُشرت على يد غرغاشيان. ولكننا لم نصل بعد إلى النشرة النقديّة العلميّة. عُرفت الترجمة الأرمنية القديمة بشكل خاص في الاستشهادات البيبليّة لدى الكتّاب القدماء وفي النصوص الليتورجيّة. أما المخطوطات فتقدم النسخات التي أعيد النظر فيها أكثر من مرّة، وأقدمها يعود إلى القرن التاسع. وما تتميّز به هذه المخطوطات هو المنمنمات. نشير إلى أن المخطوطات البيبلية تعدّ بالآلاف، وأن الترجمة المراجَعة هي النصّ الرسمي في الكنيسة الارمنيّة.