في العبريّة : ق ل ل. ن ق ب. في اليونانيّة : بلاسفيميا. في العربيّة جدّف يعني تكلّم على الله بالكفر والإهانة. كان الشرع الرومانيّ يترك الآلهة تعاقب المجدّف. أمّا الشرع الشرقيّ فما كان يميّز بين الشرع البشريّ والشرع الإلهيّ. فالإهانة ضدّ الآلهة هي ذنب اجتماعي يجب أن يُعاقَب بقساوة. ويكون الذنب أخطر في عالم إسرائيل، لأنّ التجديف يهدّد العهد ويستجلب على الشعب كلّه عقاب الله. كان النصّ القديم يحرّم لعنة الله والأمير (رئيس الشعب) (خر 22 : 27). بسبب هذا الخطأ حُكم على نابوت بالموت (1مل 21 : 9-16). منع الدكالوغ ( الوصايا العشر) من استعمال اسم الله لممارسات سحريّة، أو لمساندة قسَم كاذب (خر 20 : 7؛ تث 5 : 11). والخطيئة الإراديّة هي إغاظة كبيرة لله واحتقار لكلمته. ولهذا فهي لا تكفَّر إلاّ بالذبيحة (عد 15 : 30-32). ونقرأ أكثر النصوص وضوحًا حول معاقبة التجديف في لا 24 : 11-16 : من لعن الله يُرجَم. وقد حدّد التشريع الرابينيّ بدقّة كبيرة، الحالات التي يكون فيها التجديف حقيقيًّا. يجب أن يُلفظ الاسم الذي يُمنع التلفّظ به، أمام شهود، بعد أن يُنبَّه المذنب إلى خطورة ذنبه. في السبعينيّة يتوسّع منع لا 24 : 16 فيصل إلى التلفّظ باسم الله. لهذا حلّ محلّ الاسم المربّع الحروف (ي هـ و ه) الرب (ادوناي)، الاسم، السماء، الحضور، المقام... إنّ الوثنيّين يجدّفون على اسم إله اسرائيل حين يظنّون أنّهم يقدرون أن ينتصروا على أورشليم (2مل 19 : 4، 6، 22؛ حز 35 : 12-13). ولكن بني اسرائيل يكونون السبب في سلوكهم السيِّئ (حز 36 : 20-21). واعتُبر أنطيوخس الرابع أبيفانيوس المجدِّف المجدِّف لأنّه سمّى نفسه إلهًا ودنّس الهيكل (1مك 1 : 24؛ 2 : 6؛ 7 : 38؛ 2مك 8 : 4؛ 15 : 24). إنّه مسؤول عن الكلمات الرهيبة التي تلفّظ بها الحيوان الرابع في رؤية دانيال (7 : 8، 25؛ 11 : 36؛ ق يه 9 : 7-8). وسوف يؤوِّن سفر الرؤيا (13 : 1، 5، 6؛ 17 : 3) هذه الاتهامات فيطبّقها على ادّعاءات أباطرة رومة. هذا في العهد القديم. فماذا في العهد الجديد؟ اتّهم يسوع بأنّه مجدّف بسبب أعماله وإعلاناته. وأول اتهام يرتبط بالغفران للكسيح (مر 2 : 7 وز). فرض عليه عظيم الكهنة أن يقول إن كان هو المسيح، فقدّم نفسه كابن الإنسان الجالس عن يمين الله (مر 14 : 62 وز). اعتُبر هذا القول تجديفًا يستحقّ الحكم بالموت. واستعاد الإنجيل الرابع الاتّهام عينه خلال مجادلات يسوع مع يهود أورشليم الذين أرادوا أن يرجموه (8 : 59؛ 10 : 31-32) بعد أن فهموا البعد اللاهوتيّ لكلامه : "فما أنت إلّا إنسان، لكنك جعلت نفسك إلهًا" (10 : 33؛ رج 5 : 18). واتّهم استفانوس أيضًا بأنّه مجدّف على موسى وعلى الله (أع 6 : 11) فاستحقّ الرجم (أع 7 : 58-59). وهناك موضوع في الإرشاد المسيحيّ الأول : أن لا يجدّف على اسم الله بسبب سلوك المؤمنين الرديء (1تم 6 : 1؛ يع 2 : 7؛ 2بط 2 : 2؛ ق رو 2 : 24؛ إش 52 : 5). وهناك التجديف على دين الإنسان والتجديف على الروح القدس (مر 3 : 28-29؛ مت 12 : 31-32؛ لو 12 : 8-10). حسب عبارة مر القصيرة، يقوم التجديف على الروح القدس بأن ننسب إلى بعل زبول علامات الملكوت التي أجراها يسوع. مثل هذه الخطيئة لا تُغفَر. وميّز مت بين خطايا تُغفر وخطايا لا تُغفر، خطايا تعني ابن الإنسان والتجديف على الروح القدس. وأوضح لو هذا القول حين ميّز زمن "الجهل" (لو 23 : 34؛ أع 3 : 17) وزمن الوضوح التامّ بعد تدخّل الروح القدس. فالرفض الإراديّ للنور وسوء ائتمان النعمة يشكّلان خطيئة لا تُغفر، لا من جهة الله (الذي يغفر دائمًا)، بل من جهة الإنسان الذي يقسّي قلبه (عب 6 : 4-6؛ 10 : 26؛ 2بط 2 : 20؛ 1يو 5 : 16).