1. سوء استخدام الكلمة:ادئ ذي بدء، يشجب العهد االقديم الثرثار (أمثال 10: 19، 29: 20) الذي ينزلق في الحماقة (أمثال 10: 8، 13: 3) وعدم الفطنة (أمثال 20: 19) والذي يجلب على نفسه البغض (سيراخ 20: 5- 8). ثم نرى الأحمق الذي تكشفه زلات لسانه (سيراخ 20: 18-20) والصدّيق الزائف الذي يقتصر عزاؤه على الكلمات الجوفاء (أيوب 12: 6). ولكن هناك ما هو أسوأ: كلام المنافقين الذي يعتبر كميناً للدم (أمثال 12: 6). أما الحكيم فيتجنب النميمة (سيراخ 5: 14)، لأن ضحايا اللسان أكثر من ضحايا السيف (أمثال 12: 18، سيراخ 28: 17...). وكثيراً مما تقبل كلمات النمامين كلقم حلوة (أمثال 26: 22)، مع أنها تخرج بقسوة: لا يكف أصحاب المزامير وقد قاسوا الآلام المبرّحة، عن شجب القيمة والوصاية اللتين يتعرضون لها (مزمور 5: 10، 10: 7). وفي العهد الجديد، تردّ د رسالة يعقوب هذه النصائح عينها بشأن زلات الكلام (يعقوب 3: 2- 12): إن حفظ اللسان يعد مطلباً أولياً من مطالب الحكمة المسيحية (راجع 1: 26، 3: 2). هناك أخطار أخرىَ يتعرّض لها كثير الكلام كالتّجديف والألفاظ الفاحشة (سيراخ 23: 12- 21) والأقسام الكاذبة التي تحرمها الشريعة الموسوية (خروج 20: 7، عدد 30: 3، تثنية 22: 23). وخوفاً من إيقاع القسم عن طيش، ينصح ابن سيراخ بتجنب عادة القسم (سيراخ 23: 7- 11). وفي النهاية، سيدعوَ يسوع إلى مثل أعلى في الصدق، من شأنه أن يبطل فائدة القسم (متى 5: 33). وستحتفظ الكنيسة الأولى بهذه المثاليّة (يعقوب 5: 12، 2 كورنتس 1: 17). ومن بين الخطايا المترتّبة على القول، يمكنّنا أن نذكر أخيراً الثقة الخرافية التي يضعها بعض الناس في فاعليتها السحرية. وهذا الاعتقاد كان منتشراً في الشرق القديم، ومعروفاً في إسرائيل (كلام الشؤم: عدد 22: 6، كلام العرّافين: إشعيا 29: 4)، وهذه كلّها أمور حرّمتها الشريعة تحت طائلة الموت، أسوة بالأعمال السحرية الأخرى (لاويين 20: 6 و27).2. حسن استخدام الكلام:على عكس الخطأة والحمقى، يجب على الحكماء أن يتقنوا ضبط كلامهم. إن الكلام المنطوق به في أوانه هو كنز ثمين ومجلبة للسرور (أمثال 15، 13، 25: 11)، لأن "هناك وقتاً للسكوت ووقتاً للكلام" (جامعة 3: 7). يجب على العاقل أن يكتم كلامه إلى حين (سيراخ 1: 30)، وأن يجعل لكلامه ميزاناً ومعياراً، وأن يضع على فمه باباً ومزلاجاً (سيراخ 28: 29، مزمور 39: 2، 1 4 1: 3)، وأن يكون بطيئا عن الكلام (يعقوب 1: 19). وبالإضافة إلى هذا القياس، يجب أن يتصف الكلام بالحكمة، والرأفة،كما تفعل المرأة الفاضلة (أمثال 31: 26). فحينئذ تصير الكلمة البشرية بمثابة مياه عميقة ومعين الحكمة وكسيل جارف ونهر فائض (أمثال 18: 4، راجع تثنية 32: 1)، لأن الفم ينطق من فيض القلب، بحيث إن "الرجل الطيب من الكنز الطيب في قلبه يخرج ما هو طيب" (لوقا 6: 45). وعندما يتكلم الإنسان تحت تأثير الروح القدس يمكنه أن يبني إخوته ويعظهم ويعزيهم (1 كورنتس 14: 3)، لأن كلمته البشرية تصبح عندئذ تعبيراً عن كلمة الله.