1. تؤلف الظهورات في الكتاب المقدس:
وسيلة من وسائل التعبير عن وحي الله، بواسطتها تصبح الكائنات غير المنظورة بطبعها حاضرة بشكل منظور. في العهد القديم يظهر الله بشخصه (تجلي الله)، فيعلن مجده، أو يحضر بواسطة ملاكه. وتتصل بهذه الظهورات، على مستوى أصغر، ظهورات الملائكة، أو الأحلام. ويذكر العهد الجديد ظهورات ملاك الرب أو الملائكة، بمناسبة ميلاد يسوع (متى 1: 20، لوقا 1: 11 و 26، 2: 9)، أو بمناسبة قيامته (متى 28 0 2 4. مرقس 16: 5. لوقا 24: 4، يوحنا 20: 12)، ليبيّن أن السماء في هذه اللحظات الكبرى من حياة يسوع حاضرة على الأرض، و بذلك يكمّل العهد الجديد العهد القديم فيفوقه بشكل قاطع لعدم ذكره أية ظهورات لله، حيث لا يمكن أن نصف بهذا الاسم تجلي المسيح (متى 17: 1- 9//)، ولا حتى سيره على المياه (14: 22 27//)، ولو أننا نستشفّ من ذلك الكيان السري في يسوع. ولا غرو أن تغييراً جذرياً في الواقع، قد حدث، وهو ما يعبّر عنه يوحنا بقوله: ما من أحد رأى الله، الابن الواحد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه (يوحنا 1: 18). كيف؟ بوجوده فحسب: " من رآني رأى الآب " (14: 9، راجع 12: 45). فإن الله قد ظهر في المسيح. إن هذا السر العظيم قد ظهر ephanerothe على هذا النحو (1 تيموتاوس 3: 16)، "لما ظهر epephane لطف الله مخلّصنا ومحبته للبشر" (تيطس 3: 4). على أننا ننتظر "تجلي مجده" (2: 3) عند عودته الآتية. إن هذا الظهور الأخير سيكون خاطفاً كالبرق (لوقا 17: 24). وعندئذ لن يكون موضوعه ذلك الشاهد الذي رآه اسطفانوس "قائماً عن يمين الله " (أعمال 7: 5)، بل الديّان " الجالس عن يمين القدرة " (متى 26: 64//). وإذ يظهر المسيح أخيراً، يظهرنا نحن أيضاً "معه في المجد" (كولسي 3: 4)، لأنه سيظهر ثانية... لخلاص الذين ينتظرونه (عبرانيين 9: 28)، ويهبهم "إكليلاً من المجد لا يذوي " (1 بطرس 5: 4). "إننا نصبح عند هذا الكشف أشباهه، لأنا نراه كما هو" (1 يوحنا 3: 2). وبين تجلّي الله في العهد القديم، وعودة المسيح الآتية، تقع ظهورات يسوع القائم من بين الأموات، التي في آن واحد، تلخّص الوجود السابق ليسوع الناصري، وتستبق عودته.
2. ظهورات المسيح المختلفة:
إن أقدم قائمة هي التي يقدّمها لنا القديس بولس في سنة 55، انطلاقاً من تقليد كان قد تسلّمه قبل ذلك، بزمن طويل، ثم سلّمه فيما بعد نحو (سنة 50) إلى الكورنتسيين (1 كورنتس 15: 3- 5). فطبقاً لاعتراف الإيمان القديم هذا، ظهر المسيح لكيفا وللاثني عشر، وهز من خمسمائة أخ، وليعقوب، ولكل الرسل وأخيراً لبولس. إلاّ أَنَّ الأناجيل لا تورد من أزره القائمة إلا الظهورين الأولين لسمعان (لوقا 24: 34)، وللأحد عشر (متى 28: 2016، مرقس 16: 14- 18، يوحنا 19: 20- 29)، الذين انضَمً إليهم بعض التلاميذ الأَخرين (لوقا 24: 33- 50). على أنها مع ذلك تذكر ظهورات أخرى لبعض الأفراد: لمريم وللنسوة (يوحنا 20: 11- 18، متى 28: 9- 10، مرقس 16: 9- 11)، ولتلميذي عمّاوس (لوقا 24: 13 - 35، مرقس 16: 9- 11)، وللسبعة على شاطئ البحيرة (يوحنا 21: 1- 23). وقد تندرج هذه الظهورات المختلفة تحت نوعين، تبعاً لتخصيصها، إِن لجماعة الرسل أو للتلاميذ بصفة عامة، وهي الظهورات الرسمية التي تستهدف بيان رسالة تأسيس الكنيسة، والظهورات الخاصة إلى تدور روايتها حول التعرّف على الشخص الذي ظهر.
3. لا رؤيا، ولا يوميّات:
لا يسمح وصف الروايات الإنجيلية، بتصنيفها ضمن النوعيّة الرؤيوية. فليس فيها أي تركيز على المجد، ولا كشف لأية أمور سرية، ولا عرض لأية مشاهد خارقة، ولكن فيها تقارب وألفة، وإيفاد للرسالة. وتفترض مثل هذه الجدّة في الوصف اختباراً أصيلاً وفريداً، قادراً على تغيير ما أخذ أسلوب الرؤى، مع كونه يعني بالكلام عن الأمور السماوية، أن يحاول التعبير عنه. ولم يكن الرواة من جهة أخرى لقصدوا سرد ترجمة ليوميّات ظهور القائم من بين الأموات. فلا ترتيب لهذه الروايات، لا في الزمان ولا في المكان. وتدبير التوافق في تتابع الظهورات في أورشليم في يوم الفصح (عند لوقا ويوحنا)، وفي اليوم الثامن (عند يوحنا) ثم في الجليل (عند متى ويوحنا)، ومن جديد في أورشليم تمهيداً للصعود (عند لوقا)، هو محاولة تنسيق غير مقبولة، لأنها تؤدّي إلى التضحية بمعطيات أدية أكيدة. فوفقا للوقا 24: 49، المفروض أن يمكث التلاميذ في أورشليم حتى يوم العنصرة. الأمر الذي ينتفي معه احتمال أي ظهور في الجليل. وبالعكس متى ومرقس يذكران أن اللقاء قد تحدّد له أن يتمّ في الجليل. فلا يمكن الوصول إلى التوفيق مع ظروف المكان المختلفة ولا مع التباين في التوقيت. فذكر " الأيام العديدة " في كتاب الأعمال 1: 3 يتعارض مع تحديد لوقا 24 حدوث الصعود قي يوم الفصح، كما يتعارض أيضاً مع عرض يوحنا 20 لحدوث هبة الروح القدس في يوم الفصح نفسه مع أنه يتحدث عن ظهور لاحق يقع على بحيرة طبريّة (يوحنا 1 2). والصياغة الأدبيّة المصطنعة تظهر في كل من لوقا (التركيز على أورشليم في يوم وأحد)، ويوحنا (توزيع رواية الأحداث على جدول الأسبوع). ولم يشأ الإنجيليون كذلك أن يشكوا لنا "صوراً تذكارية ". فلا ينبغي التوقف عند التفاصيل (مثلاً الأبواب المغلقة، والإحساس بالجسد... الخ) مستقلة عن السر في جملته الذي يريلون عرض صورة له.
4. مبادرة، فتعرّف، فتكليف بالرسالة:
تلك هي الجوانب الثلاثة المشركة في كل الروايات، والتي تتيح لنا أن ننفذ إيجابياً إلى قصد المؤلفين.أ) فإن الانجيليين (باستثناء لوقا 24: 34) يوضّحون أن يسوع هو الذي يبادر ويتقدم بين أو وسط أناس لا يتوقّعون ظهوره. فيظهرون أنه ليس هناك إبتكار ذاتي من جانب من يتعلق الأمر بهم، نتيجة إيمان متطرّف أو مخيّلة أفلت زمامها. إن موضوع المبادرة من جانب القائم من يين الأموات (التي يعبّر عنها مدلول فعل opthe "تراءى" ضمن قائمة 1 كورنتس 15، معناه أن روايات الظهور إنما تصف اختبارات واقعية عاشها فعلاً التلاميذ. ويتمشّى هذا الوجه من الروايات مع تطلّعا البشارة الأولى: الله قد تدخل، فأقام يسوع، وتد أعطاه أن يظهر نفسه حياً بعد موته. فالإيمان " هو نتيجة لهذا اللقاء.ب) الطابع الثاني: التعرف، فالتلاميذ يكتشفون ذاتية الكائن التي تفرض نفسها عليهم: إنه يسوع الناصري هذا، الذي عرفوا حياته وموته. فهذا الذي كان ميتاً هو حيّ. ففيه تتم النبوة. وبنوع ما لم يعد لهم "أن يروا " شيئاً بعد في المستقبل، لأن كل شيء قد أعطي لهم بالقائم من بين الأموات. إن أسلوب هذا التعرّف (عرف عليه متدرَج ة قي الإنسان الذي يأتي إليهم، يرى الرسل شخصاً عادياً، إما مسافراً (لوقا 24: 15 16، يوحنا 21: 4 ه)، وأما بستانيا (يوحنا 20: 15)، ثم يعرفون أنه الرب. وهذا التعرّف حرّ مختار، لأنه بحسب فكرة عدم الإيمان، كما هي واردة في التقليد بجملته (متى 28: 17، مرقس 16: 11 و 13- 14، لوقا 24: 27 و 41، يوحنا 20: 25- 29)، كان يمكن أن يرفضوا الإيمان. وأخيراً فبما أن الرب يظهر عادة لجمع من الأشخاص، فإنه كان من المتيسر تبادل التأكد من حقيقة الظهور. وقد قصد الرواة بصياغة الفكرة صياغة أدبية أن يبرزوا في وقت واحد أمرين: من جهة أن القائم من بين الأموات لا يخضع بأوضاع الحياة الأرضيّة العاديّة، فهو مثل الله في ظهوراته في العهد القديم (تكوين 18: 2، عدد 12، 5، يشوع 5: 13، 1 أيام 21: 15- 16، زكريا 2: 7، 3: 5، دانيال 8: 15، 12: 5...)، يظهر ثم يختفي حسبما يشاء. ومن جهة أخرى، إنه ليس شبحاً، ولذا كان الإلحاح على الملامسات الحسنة. وينبغي أن نعتبر هذين الوجهين معاً، تفادياً للوقوع في الضلال. فإن جسم القائم من الأموات هو جسم حقيقي. ولكن نقولها مع القديس بولس بعبارة غريبة في ظاهرها إنه "جسم روحاني " (1 كورنتس 15: 44- 49) لأنه جسد تحّول بالروح (راجع رومة 1: 4).جـ) وهناك وجه ثالث على مستوى السمع، يميز هذه الروايات. فإن التلاميذ وقد تعرفوا على الرب يتمتعون مقدَماً بالمشاهدة إلى سوف تكون وقفاً على السماء. وبسماعهم " الكلمة " يرجع بم الأمر إلى الوضع الأرضي. وعلى هذا النحو يسمعون وعده لهم بحضوره " حضوراً إلى الأبد (متى 28: 20)، ودعوته إياهم لمواصلة عمله في رسالة يوفدون لها بكل معنى الكلمة (متى 28: 19، مرقس 16: 15- 18، لوقا 24: 48- 49، يوحنا 20: 22- 23، راجع متى 10: 28، يوحنا 17: 20). فحضور يسوع ليس حضوراً للاستقرار معهم، بل لإيفادهم للرسالة. وينبغي أن تظلّ هذه الوجوه الثلاثة على علاقة حيوية متبادلة فما بينها. فحاضرنا يتجدد باستمرار بمبادرة من القائم من بين الأموات، والتلميذ مدعوّ لأن يضطلع بالماضي في شخص يسوع الناصري، الذي يدعوه إلى بناء المستقبل، والمستقبل هو الكنيسة.
5. الظهور لبولس:
يحتلّ مكانة خاصة (غلاطية 1: 12- 17، أعمال 9: 3- 19//). فبولس يعتبره على نفس مستوى الظهورات الأخرى: فهو مثل التلاميذ قد رأى الرب حياً. وبذلك يمّيز حادث دمشق عن الرؤى البسيطة التي سيحظى بها فما بعد (أعمال 16: 9، 18: 9، 23: 11، 27: 23). ويفسّر هذا الظهور أنه بمثابة رسالة معهود بها إلى بولس (غلاطية 1: 16)، لا بواسطة إنسان (1: 1، راجع أعمال 9: 6، 22: 15)، بل بصفة مباشرة (أعمال 26: 16- 18). فالرب قد أقامه رسولاً (1 كورنتس 9: 1)، ولكن دون أن يسوّي بينه وبين الإثني عشر. لأن هؤلاء قد عرفوا، من خلال ملامح القائم من بين الأموات، أنه يسوع الناصري الذي سبق فعاشوا معه (راجع أعمال 2: 21- 22)، وبناء على كلمة المسيح أسسوا الكنيسة. وأما بولس فهو لم يعرف يسوع، إلّا خلال الكنيسة التي كان يضطهدها، وهذا يعني أمرين: أن الظهور الذي بنعم به ليس من أصل نشأة الكنيسة، وهو يتجه لا نحو يسوع ما تجل الفصح، بل نحو الكنيسة المؤسسة فعلاً. من أجل هذه الأسباب، وأيضاً لأن لوقا يحدد حدوث هذا الظهور بعد الصعود، فهو ظهور رؤيوي apokalipsai على حد لغة بولس (غلاطية 1 : 16). فالضوء والصوت والمجد، تسبغ على المشهد طابعاً يختلف عنه تمام الاختلاف في الظهورات المألوفة التي اختصَّت بها الأحد عشر. وعلى الرغم صت هذه الفروقات، فقد أدرج بولس هذا الظهور في نوعية الظهورات التي تميز بها الأربعون يوماً.
6. الحادث والأسلوب:
حتى نفسر الأسلوب الذي به يعرض الإنجيليون اختبارهم الفصحي تفسيراً صحيحاً، لا بدّ لنا من مراعاة شرطين: فني البداية هناك حادث ينبغي وصفه بأنه يحصل بالأزمنة الأخيرة. فبما أن قيامة يسوع ليست عودة إلى االحياة الأرضية، بل هي دخول في الحياة التي لا تعرف الموت من بعد (رومة 6: 9)، فإن الحادث في الظهورات يتجاوز الإطار الذي نعيش فيه والمفاهيم التي نستخدمها في تعبيرنا، انه حادث يفوق حدّ الوصف في ذاته. ومن جهة أخرى، فنحن في الوقت نفسه بصدد اختبار واقعي مرّ به التلاميذ، وقد تمّ خلال زمننا، فيندرج في مستوى المعرفة التاريخية. ولذا يجدر بنا تفادي الوقوع في تطرّفين، الأول: بما أن القيامة ليست حادثاً أسطورياً، فلا يسوغ أن يكون أسلوب الظهورات " مجرداً " من كل سمات أسطورية، وإلا نكون قد جعلنا حضور المسيح أشبه بحضور بطل من الأبطال يظل حيّاً في ذاكرة المعجبين به. والثاني: لتحاشي مثل هذا التطرّف، وتجنب التنقيص من قدر الظهورات إلى حد اعتبارها مجرد اختبار فردي ذاتي، ينبغي أن لا نقع في تطرّف آخر والتقدير أن من الضروري القول إن الموضوعة لا تعتبر إلا ما يقع تحت الحس من حيث المكان والزمان. فتصوّر الإتصال الذي حدث بين المسيح القائم من بين الأموات، وبين تلاميذه، على نحو ما قد يكون عليه اتصال لعازر بعد قيامته بذويه، هو تصوّر مبني على إنكار الطابع الفريد في قيامة يسوع. فلا يكفي أن ندخل بعض التصحيح كل مفهومنا لجسم تدب فيه الحياة من جديد، فمثل هذا القياس قد يؤدّى إلى إضفاء قيمة لا تتناسب مع التفاصيل الماديّة الواردة في الروايات. ففي الواقع إن اختبار التلاميذ، الذي لم يكن اختباراً شخصياً بل كان اختباراً متكرراً ومشركاً فيما بينهم، قد نقل بواسطة أسلوب البيئة والتقليد الديني، وبخاصة بمساعدة إيمانهم بالقيامة العامة في آخر الأزمنة. فإن شئنا تجنب قياس الاتّصال بالمسيح، بعد قيامته من بين الأموات، على الاتصال الممكن بإنسان على هذه الأرض، يكفي الرجوع إلى الأبعاد الثلاثة التي تظهرها الروايات. فبفضل مبادرة المسيح بعد القيامة، يأمن التلاميذ الوقوع في أي توّهم من شأنه تشكيكهم في صحة وحقيقة لقائهم " بالحي". وبفضل "رؤيتهم " إياه يربطون هذا الاختبار بالماضي الذي عاشوه برفقته. وبسماعهم إياه يواجهون المستقبل. وإنه خلال العلاقة بين هذه الأبعاد الثلاثة يكمن سر حضور المسيح حياً اليوم.
7. طوبى للذين يؤمنون ولم يروا:
(يوحنا 20: 29). من خلال عدم إيمان توما يرمي يوحنا إلى التنويه بحال المؤمنين في المستقبل، إذ إن وضعهم في الواقع، لا يقاس من كل الوجوه على حال الشهود الأوّلين. حقاً إن الأناجيل توحي بأن التلاميذ كان ينبغي أن لا يحتاجوا هم أيضاً إلى تلك الظهوات. فكان يكفي أن يكونوا قد أخبروا من قبل (مرف 16: 13). وكان جدير بفهمهم الكتب المقدّسة أن يقودهم نحو الإيمان بالقيامة (يوحنا 20: 9). بتعبير آخر فالظهوات تستجيب لاحتياجات إيمان ما زال ناقصاً. ومع ذلك، فمن ناحية أخرى، كانت الظهورات ضرورية، ولها فائدة فريدة، وقد بيَّنها الإنجيليون في وصفهم، ظهورات الأربعين يوماً. فالذين كانوا قد عاشوا مع يسوع الناصري، كان ينبغي أن يكونوا الشهود الوحيدين والمختارين ليسوع المسيح، وأن تنغرس بصورة تاريخية نقطة الإنطلاق في الإيمان المسيحي وفي الكنيسة. لذلك يمكن القول بأن التلاميذ رأوا الربَ حيّاً. في اختبار تاريخي: كان ذلك على الأرجح خلال عشاء جماعي، أو نزهة؟ أو صيد... وفجأة حدث اتّصالهم بالمسيح الحيّ. والله: هو يعطيهم أن يعرفوا يسوع يمنحهم الإيمان: على أن هذا الإيمان بنوع ما نتيجة لرؤية العين. وليس الأمر كذلك بالنسبة للمؤمنين الذي ليسوا هم بالشهود المفضّلين. فهم! يروا ما قد رآه التلاميذ، ولكم يعرفون أن هؤلاء قد رأوه. فالمؤمن لا يعرف معنى الظهورات إلا من خلال الكرازة الحالية التي تقوم بها الكنيسة حول جسد المسيح. فإن الأبعاد الثلاثة لحضور القائم من الأموات تتوفر من جديد، ولكن منقولة عن السابقين إلى اللاحقين. فالمبادرة كانت تأتي دائماً من الله، وبمعنى أدقّ من المسيح بعد قيامته. إلا أن المسيح يتكلّم اليوم من خلال الكرازة الحالية. فيسوع الناصري يكشف عن نفسه، ولكن من خلال الاختبار التاريخي للشهود الأوّلين. والرب يوفد للرسالة، وفي هذه المرة، مباشرة مع العمل الرسولي. فالقائم من الأموات لا يزال إذاً اليوم حاضراً (متى 28: 20)، ولكن بواسطة الكنيسة الحيّة، جسده وهو يجعل بني البشر دائماً يعرفونه عند كسر الخبز (لوقا 24: 35).