1. الجثو أثناء الصلاة: وهو الوضع الأبسط للسجود التام، يميز حالة نفسية تختلف عنها في وضع الجلوس أو الوقوف. فالصلاة التي تؤدي حينذاك لا صلة لها مطلقاً بالخطاب أو بالإرشاد أو بالتبريك: إنها ابتهال، قد يكون صامتاً، وتضرعاً عميقاً. ويروي العهد القديم أربع حالات لمثل تلك الصلاة، رسمية أو خاصة، في نهاية حفل تدشين الهيكل، يدير سليمان وجهه نحو الشعب الواقف، فيباركه ويوجه إليه خطاباً قصيراً (1 ملوك 8: 14- 21)، ثم يستدير تجاه الهيكل، وفي أثناء صلاته الطويلة (8: 22- 53) يظل "راكعاً ويداه مرفوعتان نحو السماء" (8: 54)، وأخيراً ينهض واقفاً ويبارك الشعب وهو يرشده (8: 55- 61). ويستشعر إيليا عقب انتصاره على كهنة بعل أن فترة الجفاف التي جاءت عقاباً على اسرائيل أوشكت على الإنماء، صعد "إلى رأس جبل الكرمل وخرّ على الأرض، وجعل وجهه بين ركبتيه" (1 ملوك 18: 42)، وتساقط المطر. وبعد هذا الحديث بعدة قرون، عندما بلغ عزرا خبر الزيجات التي عقدها اليهود مع الأجنبيات، يبقى "جالساً، وقد أعماه الحزن حتى تقدمة المساء"، عندئذ "خرجتُ من ذهولي، وجثوت على ركبتيّ وبسطت يديّ نحو السماء وقلت... " (عزرا 9: 4- 5) صلاة اتّحد بها الشعب مذرفا ًالدموع (10: 1). وأخيراً فإن دانيال، وهو وحيد في عليّته، "يجثو على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم، يصلي ويعترف لله كما كان يفعل من قبل " (دانيال 6: 11). ولا نرى يسوع ذاته جاثيا على ركبتيه إلا في صلاة النزاع في بستان الزيتون (لوقا 22: 41)، "مطروحاً على الأرض" (مرقس 14: 35)، "ساقطاً على وجهه" (متى 26 -39) غير أن لوقا يذكر الركوع في الظروف الاحتفالية: اسطفان وهو يغفر لراجميه (أعمال 7: 60)، وبطرس قبل أن يقيم طابيتا من الموت (9: 40)، وبولس بعد خطاب الوداع الطويل الذي وجّهه إلى شيوخ أفسس (20: 36)، وكل المسيحيين المجتمعين على الشاطئ، في لحظة الفراق (21: ه). فالجثو على الركبتين هووضع طبيعي في الصلاة تعبيراً عن التضرّع أثناء العبادة (أفسس 3: 14).