السفر الحادي والعشرون من العهد القديم، ومعنى اسمه الكارز، ودعي بسفر الجامعة في التي معناها من يجلس في محفل أو يتكلم في مجتمع أو كنيسة. والاسم الجامعة يشير إلى سليمان بن داود الملك في اورشليم (جا 1: 1) وقد فاق. السابقيين جميعاً في اورشليم في الحكمة والغنى (جا 1: 16 و 2: 7 و 9).
كتبه سليمان في شيخوخته أو في كمال اختباره، وفيه يلقى درساً عظيماً من حياته ويعبّر عن عواطفه ونظراته إلى الحياة التي اختبرها فما جاء في (1: 12 - 14) يشير إلى اختباره الفعلي وهو ملك، ويشير إلى انّ كل شيء باطل والادلة على أن كاتبه سليمان، بخلاف ما ذكر سابقاً، ما ياتي:
(1) تب عن سليمان أنه اتخذ نساءً كثيرات بينهن كثير من الاجنبيات وعابدات الاوثان اللواتي أملن قلبه عن اتباع الرب (1 مل 11: 3 و 4) ويقول الكاتب (ص 7: 26 و 28) ((وجدت أمراً من الموت المرأة التي هي شباك وقلبها اشراك ويداها قيود)) ويقول ((اما امرأة فبين كل اولئك لم اجد)).
(2) يقال أن سليمان ألف أمثالاً عديدة ولا شك أنه كتب أكثر سفر الامثال، ويقال أنه تكلم بثلاثة آلاف مثل (1 مل 4: 32) أما الكاتب فيقول (ص 12: 9) ((واتقن امثالاً كثيرة)) وقد قال بعض المنتقدين أن في هذا الكتاب كلمات غير عبرانية محضة، فلذلك يجب أن يكون الكاتب من جيل آخر وأنه شخص يشبه سليمان. غير أن إدخال بعض الكلمات الغربية في تأليف إنسان امتدت صلاته التجارية إلى أمم والسنة كثيرة لا يستغرب.
إن رسالة هذا السفر خاصة بالحياة الحاضرة على الارض. ولسؤال هل من نفع للانسان من كل تعبه (ص 1: 3) فيجيب عن هذا السؤال من اختباره المتنوع. ويجد الجامعة أن المصدر الوحيد لكفاية الانسان هو في ذاته، وفي استعمال قواه العقلية والجسدية في اتفاق مع نواميس الكون الطبيعية والادبية التي وضع فيها (ص 2: 24) ثم ينتقل من ذاته إلى العالم الخارجي (ص 3) فيبحث في حال الانسان في الزمان فيجد أن الله قد رتب كل شيء حسناً في وقته وهو وقت ثابت لا يتغير. وكل جميل في وقته غير أن الناس يعملون الشر ويظلمون بعضهم بعضاً بحيث أن البار يقع تحت القصاص، والشرير ينجو والتقى لا يجازي خيراً هنا، والشفي لا ينال جزاء أفعاله الرديئة. ويستنتج على من ذلك ان الله سيدين الطرفين (ص 3: 16 إلى 4: 3) فينصف الواحد ويقاص الآخر. ويستدل من ذلك على اعتقاده بالدينونة والحياة الآتية.
والثروة أقل نفعاً من الصحة (ص 5: 1 إلى 6: 9) ثم يتحدث الجامعة عن الصيت الذي هو أفضل من الدهن الطيب وكيفية الحصول عليه (ص 7: 1 إلى 10) الحكمة صالحة (ص 7: 12) وهي تحبي أصحابها وتفيد في التعامل مع الملوك (ص 8: 1 - 8) ويذكر الجامعة هذه الحقيقة العامة ((انة التقوى هي افضل سياسة)) (ص 8: 10 - 15) وان الموت يأتي للجميع على السواء. فليبحث الانسان إذاً عن اللذة في افراح الحياة المتواضعة العادية لأنها نصيبه تحت سياسة الله الادبية. فليذكر إذاً الشاب خالقه. وتختم النصائح بهذه: ((اتقِ الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله لان الله يحضر كل عمل إلى الدينونة)) (ص 11: 9 إلى 12: 14) ويستعمل الكاتب في حججه فلسفة كانت سائدة في وقته وهي: ان يكيف الانسان نفسه للظروف والاختبار المحيطين به. وقد شك بعض اليهود في قانونية هذا السفر ولكنهم اقتنعوا أخيراً بمكانته بين الاسفار القانونية. ويلاحظ أنه لا توجد اقتباسات مباشرة أو تلميحات منه في كتب العهد الجديد.