إنه اسم عدد من حكام وملوك فلسطين، أو بعض أجزائها أو بعض المناطق القريبة منها. وفي العهد الجديد ذكر أربعة بهذا الاسم وكان ذلك أثناء الحكم الروماني على فلسطين.
(1) هيرودس الكبير: وهو الابن الثاني لأنتيباتر، الأدومي الأصل. وكانت أمه أدومية أيضًا لذلك لم يكن يهوديًا من ناحية الجنس مع أن الادوميين كانوا قد رضخوا للمذهب اليهودي بالقوة منذ سنة 125 ق.م. وكان قيصر قد عَيَّنَ انتيباتر حاكمًا على اليهودية سنة 47 ق.م. وقسَّم انتيباتر فلسطين بين أبنائه الخمسة قاسي القلب عديم الشفقة يسعى وراء مصلحته ولا يتراجع مهما كانت الخسائر. ولم يكن يهتم للحقيقة ولا ينتبه إلى صراخ المظلومين واشتهر بكثرة الحيل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). وقتل عدة زوجات وأبناء وأقارب خوفًا من مؤامراتهم. غير أنه بنى أماكن كثيرة في فلسطين، مدنًا وشوارع وأبنية، لتخليد اسمه وانفق على ذلك أموالًا طائلة وأشهرها مدينة قيصرية التي بناها على شاطئ البحر المتوسط وسماها كذلك تكريمًا لاوغسطس قيصر ثم رمّم مدينة السامرة بعد أن تهدمت وسماها سباسطيا، أي مدينة اوغسطس وحصن القدس وزينها بالملاعب والقصور. وبدأ في ترميم الهيكل في القدس، وفي تزينيه.
ولد يسوع في أواخر أيامه، بعد أن كانت نقمة الشعب عليه، وخوفه من منافسة أعدائه، قد بلغت أشدها. ولذلك أسرع الأمر بقتل جميع الأطفال في بيت لحم، حتى لا ينجو ابن داود، ولا يملك على اليهود ويتربع على عرشه (مت ص 2). ولكن الوقت لم يمهله كثيرًا. إذ مرض مرضًا خطيرًا، وسافر إلى شرقي الأردن للاستشفاء بحمامتها، ثم عاد إلى أريحا أسوأ مما كان عليه قبلًا. وهناك مات، وهو في السبعين من عمره، بعد ملك أربعًا وثلاثين سنة، وكأنه لم يشأ أن يودع الحياة على عكس ما كان في حياته. فأمر بقتل وجهاء القدس ساعة موته، حتى يعم الحزن المدينة ولا يجد أحد السكان فراغًا ليبتهج بموت ملكه المكروه.
سلالة هيرودس الكبير :
(2) هيرودس انتيباس : هو الابن الثاني لهيرودس الكبير من زوجته الرابعة السامرية ملثاكي لذلك فإن نصفه ادومي ونصفه سامري. تثقف في روما، ثم عاد وعين حاكماً على الجليل بينما نال أخوه وراثة العرش فتنافس وإياه طويلاً. وفي هذه الأثناء حارب بعض أعدائه، وبنى عدة أماكن، أشهرها مدينة طبريا. ولما جلس على العرش اتسعت مطالبه، حتى حملته امرأته على الذهاب إلى روما ليطلب أن يمنح لقب ملك. وهناك غضب عليه الإمبراطور كاليجولا ونفاه إلى ليون، ثم إلى إسبانيا وأنباء هيرودس انتيباس ليست قليلة في الكتاب المقدس. فهو الذي تزوج بامرأة أخيه، هيروديا، ونال توبيخ يوحنا المعمدان حتى قطع رأسه وقدمه هدية لسالومة ابنة هيروديا ( مر 6: 16- 28 ) وكان هيرودس واحداً من القضاة الذين مثل يسوع أمامهم، وأخذ يجادل يسوع ويسأله ( لو 23: 7- 12 و اع 4: 27 ). وذكر في الكتاب أن هيرودس هذا ظن أن يوحنا قد قام من الأموات ( مر 6: 16 ). وهو الذي سماه يسوع ثعلباً ( لو 13: 32 ). وكان زمن ملكه من 4 ق.م. إلى 39 م.
(3) هيرودس اغريباس الأول : وهو ابن ارسطوبولوس، وحفيد هيرودس الكبير وامرأته مريمنة. وقد عاش طويلاً في روما. ثم رجع وعين حاكماً على بعض فلسطين سنة 39 م.، وأضيفت إلى منطقة نفوذه أراضي واسعة لرضى الإمبراطور كاليجولا. ومن أخباره في الكتاب أنه ذبح يعقوب خا، اسم عبري معناه يوحنا، بالسيف ( اع 12: 1 و 2 ) وسجن بطرس ( اع 12: 3- 19 ). ويروي الكتاب نهايته، فقد أكله الدود بعد أن ادعى الالوهية ( اع 12: 20- 23 ). وكان موته في سنة 44 م. وكان عمره عند ذاك 54 سنة.
(4) هيرودس اغريباس الثاني : وهو ابن هيرودس اغريباس الأول. وكان صغيراً عند موت أبيه فرفض الإمبراطور تعينه في مركز أبيه. ووضع اليهودية تحت الوصاية. وبقي اغريباس يقيم في روما ويقوم بمعاملات اليهود هناك ويتوسط بينهم وبين الإمبراطور ويحل مشاكلهم، إلى أن نال أخيراً لقب ملك، وضمت إليه بعض مناطق لبنان الداخلية واستمر ملكه في الاتساع إلى أن حكم نيرون فأضاف إليه مناطق كثيرة في فلسطين والأردن وأمامه خطب بولس وعرض قضيته ( اع 25: 13- 26: 32 ). واستمر يملك حتى سقوط القدس فانتقل إلى روما، وهناك عاش مع أخته برنيكي التي كان يعاشرها كزوجة إلى أن مات سنة 100م.