وهي مدينة فريجية في آسيا الصغرى واقعة على نهر ليكوس قرب التقائه بأحد فروعه المدعو المياندر على بعد 12 ميلاً من لادوكية. كانت كولوسي أولاً على الطريق التجارية الممتدة من الغرب إلى الشرق وكانت لها أهمية كبيرة لسبب ذلك. ولكن الطريق نقلت من هناك ففاقت عليها جارتاها لاودكية وهيرابوليس ( كو 2: 1 و 4: 13 ) اللتان كانتا تبعدان عنها الواحدة عشرة أميال والثانية ثلاثة عشر ميلاً. وهكذا أخذت كولوسي في النقهقر. وقد اشتهرت بصوفها الناعم وبلديتها المستقلة تحت الحكم الروماني. وفي كولوسي نمت جماعة مسيحية بواسطة خدمة ابفراس وبعدئذ ارخبس ( كو 1: 7 و 4: 17 وفليمون 2 ). وقد كان فليمون عضواً عاملاً في هذه الكنيسة وكذلك انسيمس ( كو 4: 9 ). وقد كتب بولس الرسول رسالة لكنيستها ( كو 1: 2 ). وربما زارها في سفرته الثالثة التبشيرية ( اع 18: 23 و 19: 10 ). ولم يبقىَ من كولسي سوى خرب وتوجد الآن قرية وضيعة تسمى خوني على بعد 3 أميال جنوبي موضع كولوسي.
رسالة بولس إلى أهل كولوسي:
كتبها بولس أثناء مدة سجنه ( كو 4: 3 و 10 و 18 ) ربما في رومية عندما سجن سنتين أول مرة حوالي عام 62م. ( اع 28: 30 و 31 ) ويعتقد البعض أنها ربما كتبت في قيصرية ( اع 23: 35 و 24: 27 ) أو في افسس. ويظهر من ( كو 1: 7 ) أن ابفراس هو الذي أسس كنيسة كولوسي أو أنه على الأقل ساعد في ذلك مساعدة فعالة وربما تأسست هذه الكنيسة بينما كان بولس يجاهد في افسس ( اع 19: 1 و 10 ). ولما التحق ابفراس ببولس ( كو 1: 8 ) وأخبره بحالة الكنيسة في كولوسي، حرك تقريره هذا الرسول لكتابة رسالته هذه إليهم. وقد أرسلت الرسالة بيد تيخيكس ( كو 4: 7 و 8 ) الذي حمل أيضاً الرسالة إلى أهل افسس ( اف 6: 21 ) ربما كتبت هذه الرسالة في نفس الوقت أيضاً وقد ذهب معه انسيمس ( كو 4: 9 ) الذي حمل أيضاً معه الرسالة إلى فليمون الذي كان يسكن في كولوسي والذي كان انسيمس عبداً سابقاً وقد هرب من عنده فلاقاه بولس وبشره فآمن بالرب يسوع المسيح وها هو يرجع الآن سيده حاملاً رسالة الرسول له. وقد ذكر في كو 4: 17 ارخبس الذي ذُكر أيضاً في فليمون 2 والذي كان ربما ابناً لفليمون. ونستنتج من التحيات الموجودة في كو 4: 10- 17 أنه ولو كان بولس لم يعمل في كولوسي فقد قام اصدقاؤه بالتبشير هناك بدله، وأنه هو كان نفسه يعرف معرفة تامة بعض سكانها كولوسي. وقد كان فيلمون أحد الذين آمنوا على يده ( فل 19 ) ربما في افسس. ويظهر أن ابفراس خادم كنيسة كولوسي آتى إلى رومية لكي يستشير بولس من جهة الآراء اليهودية الشرقية التي كان يكرز بها في كولوسي بعض اليهود الاسينيين. وكان لا بد لهذه الآراء من أن تفسد بساطة إيمان أعضاء الكنيسة هناك وتنقص من كفاية المسيح وسيادته ( ص 2: 8- 23 ) وقد دحض بولس هذه الآراء وأظهر لكنيسة كولوسي حقيقة اقنوم المسيح وكمال فدائه وحرضهم على أن يتحدوا مع ربهم في جميع ظروف الحياة وواجباتها. وتقسم هذه الرسالة إلى أربعة أقسام طبيعية:
1-المقدمة والشكر ( ص 1: 1- 8 ).
2-القسم التعليمي ( ص 1: 9- 3: 4 ).
3-تحريضات عملية ( ص 3: 5- 4: 6 ).
4-التحيات الختامية ( ص 4: 7- 18 ).
والقسم التعليمي في هذه الرسالة على أعظم غاية من الأهمية. وفيه يبدأ الرسول بابتهال لأجل نموهم في المعرفة والقداسة من ثم يرتفع إلى وصف أفضلية المسيح وتفوقه وسموه في علاقته بالله والكون والكنيسة. ثم يوضح في الإصحاح الثاني أفضلية المسيح وتفوقه وسموه لدحض أخطاء المخطئين الذين يذيعون أراء خاطئة عن المسيح محققاً للمؤمنين كفاية المسيح التامة لهم بما أنه انتصر نهائياً ومرة واحدة على أعدائهم الروحيين. والمطلب الوحيد لنوال الخلاص واختباره عملياً في الحياة هو الاتحاد بالمسيح بالإيمان ليس سواه ولا شيء غير هذا.
أما القسم العملي فإنه يحث على الخلق الروحية الرفيعة ونظام اجتماعي سام كرد على ميول التنسك والزهد التي كانت سائدة حينئذ.
لهذا فالرسالة أعظم جانب من الأهمية حيث اللاهوت المسيحي فعلاوة على معالجتها للتعليم عن الخلاص كما في الرسائل الأخرى فإنها توضح أفضلية شخص المسيح وتفوقه وسموه وتقدمه على كل من سواه وكذلك تظهر بوضوح كفاية عمله الفدائي.