الكلمة من الآرامية ومعناها (( المنعزل )) وهو إحدى فئات اليهود الرئيسية الثلاث التي كانت تناهض الفئتين الأخريين فئتي الصدوقيين والأسينيين، وكانت أضيقها رأياً وتعليماً (أع 26: 5). ويرجّح أن يكون الفريسيون خلفاء الحسيديين المتظاهرين بالتقوى (( القديسيين )) المذكورين في المكابيين (1 مك 2: 42 و 7: 3 و 2 مك 14: 6)، والذين اشتركوا في الثورة المكابية ضد انطيوخوس ابيفانس (175ـ 163 ق.م.). وقد ظهر الفريسيون باسمهم الخاص في عهد يوحنا هركانوس (135ـ 105 ق.م.)، وكان من تلامذتهم فتركهم والتحق بالصدوقيين. وسعى ابنه اسكندر ينايوس من بعده إلى إبادتهم غير أن زوجته الكساندرة التي خلفته على العرش سنة 78 ق.م. رعتهم فقوي نفوذهم على حياة اليهود الدينية وأصبحوا قادتهم في الأمور الدينية.
أما من حيث العقيدة فكانوا يقولون بالقدر ويجمعون بينه وبين إرادة الإنسان الحرّة. وكانوا يؤمنون بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الأرواح (أع 23: 8) ومكافأة الإنسان ومعاقبته في الآخرة بحسب صلاح حياته الأرضية أو فسادها غير أنهم حصروا الصلاح في طاعة الناموس فجاءت ديانتهم ظاهرية وليست قلبية داخلية. وقالوا بوجود تقليد سماعي عن موسى تناقله الخلف عن السلف. وزعموا أنه معادل لشريعته المكتوبة سلطة أو أهمّ منها. فجاء تصريح المسيح بأن الإنسان ليس ملزماً بهذا التقليد (مت 15: 2 و 3 و 6).
كان الفريسيون في أول عهدهم من أنبل الناس خلقاً وأنقاهم ديناً، وقد لاقوا أشدّ الاضطهاد، غير أنه على مرّ الزمن دخل حزبهم من كانت أخلاقهم دون ذلك، ففسد جهازهم واشتهر معظمهم بالرياء والعجب. فتعرضوا عن استحقاق للانتقاد اللاذع والتوبيخ القاسي. فيوحنا المعمدان دعاهم والصدوقيين (( أولاد الأفاعي )) كما وبخهم السيد المسيح بشدة على ريائهم وادعائهم البرّ كذباً وتحميلهم الناس أثقال العرضيات دون الاكتراث لجوهر الناموس (مت 5: 20 و 16: 6 و 11 و 12 و 23: 1ـ 39). وكان لهم يد بارزة في المؤامرة على حياة المسيح (مر 3: 6 ويو 11: 47ـ 57). ومع هذا فكان في صفوفهم دوماً أفراد مخلصون أخلاقهم سامية، منهم بولس في حياته الأولى (أع 23: 6 و 26: 5ـ 7 وفي 3: 5) ومعلمه غمالائيل (أع 5: 34).