الزواج سنة اوجدها الله، فيترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكونان جسداً واحداً (تك 2: 20-24). وقد أيّد المسيح هذه السنة عند وجوده على الارض (مت 19: 5-6 و مر 10: 5-12) لذلك فالزواج سنة مقدسة لا تنحل إلا لعلة الزنى. ويجب مراعاة حقوق المرأة فيها، ويراد منها سعادة البشر وحفظ النوع. وقد كان أول زواج في جنة عدن، قبل الخطيئة الاولى. وكان البشر يتزوجون من واحدة فقط. ثم تفشى تعدد الزوجات بالرغم من أن النظام الالهي وضع للزواج بين الرجل واحد وامرأة واحدة، فمن ضمن الذين تزوجوا بأكثر من واحدة جدعون (قض 8: 30) والقانة (1 صم 1: 2) وشاول (2 صم 5: 13) وداود (2 صم 12: 8). وسليمان (1 مل 11: 3) ورحبعام (2 اخبار 11: 21) وابيا (2 اخبار 13: 21) و يوآش (2 اخبار 24: 3).
استمر تعدد الزوجات حتى السبي. ولا ذكر له بعد ذلك. إلا أن المشكلة التي اهتم لها الانبياء أصبحت الزواج بأجنبيات. وتثبت الكنيسة المسيحية الزواج، ولكنها حددته بواحدة.
وكان الزواج بين الاقارب دارجاً قبل موسى. وكان يراد منه حفظ نقاوة الدم والانعزال عن باقي العائلات. وهذه عادة موجودة عند جميع الشعوب البسيطة والبدائية التي تنكمش على نفسها وترفض أن تتصاهر مع غيرها، وتجهل أن الزواج من الاقارب يضعف النسل. وقد سن موسى قوانين لضبط ذلك (لا 18: 6-18) إذ نهى عن الزواج بالأم وامرأة الاب والاخت، سواء أكانت بنت الاب أو بنت الام أو شقيقته، الابن وبنت البنت وبنت امرأة الاب وباخت الاب وباخت الام وامرأة اخ الاب، وبالكنة وبامرأة وبنتها، وبنت ابن المرأة وببنت بنتها وباختين معاً (تث 25: 5 و 6).
وكان زواج العبرانيين والاجنبيات نادراً وكان الانبياء ينددون به، إلا أن الكتاب يسجل بعض هذه الحوادث. فقد تزوج يوسف من بنت فوطي فارغ وهي مصرية (تك 41: 45) واتخذ منسى سرية ارامية (1 اخبار 7: 14) وموسى امرأة مديانية (خر 2: 21). ولم يكن الزواج من الاجنبيات ممنوعاً منعاً باتاً إلا من الكنعانيات (خر 34: 16 و تث 7: 3 و 4). وكان منع العمونيين والموآبيين من الدخول إلى المحلة مانعاً لزواجهم مع بني اسرائيل، وقد كثر زواج العبرانيين بالاجنبيات بعد السبي، أي بعد أن ازدادت صلات اليهود مع جيرانهم، ولم يعد بالامكان حصر الزواج في الشعب نفسه. وقد نهى نحميا عن ذلك (نح 13: 23-25). وكان زواج اليهوديات بالاجانب أقل بكثير من زواج الرجال اليهود بالاجنبيات.
ومن الشرائع الموسوية بخصوص الزواج أنها حرمت زواج الكاهن العظيم إلا من عذراء من شعبه (لا 21: 13 و 14) ومنعت الكهنة من زواج الزواني والمطلقات (لا 21: 7) ومنعت الوراثة أن تتزوج من رجل من خارج سبطها (36: 5-9).
أما الطلاق فلم يكن أمراً قضائياً، بل كان الرجل طلق زوجته بواسطة كتابة كتاب طلاق، وكانت المطلقة تتزوج بمن تشاء (تث 24: 1-4). أما يسوع فقد أمر بإبطال هذه العادة ومنع الطلاق إلا لعلة الزنى ومنع الناس من الزواج بالمطلقات (مت 19: 9). وكان قصاص الزنى مزت الزاني والزانية معاً (لا 20: 10 وتث 22: 22-24). وكانا يرجمان رجماً (حز 16: 38-40 و يو 8: 5). وكان يجوز للزوج أن يعطي المرأة كتاب طلاق عوضاً عن رجمها. وظلت هذه العادة إلى أيام المسيح (مت 1: 19). وبعضهم يظنون أن الآية في 1 كو 7: 15 تسمح بالطلاق في حالة الانفصال النهائي.
وكانت العادة عند العبرانيين، شأن باقي الشعوب الشرقية قديما وحديثاً، أن ينتَخب العروس والعريس ال العروسين. إلا أن بعض الرجال كانوا يشذون أحياناً ويختارون عرسانهم بأنفسهم. وقد أعطت المسيحية للعريس الحرية الكاملة في اختيار العروس وكان العقد يتم بيمين عطاء وتقديم هدايا. وكان المهر أحياناً بالعمل، كما فعل يعقوب وموسى وعثنيئل (تك ص 29 و خر 2: 21 و 3: 1 و قض 1: 12).
واعتبر الشرع الفتاة المخطوبة كأنها امرأة. فكانت إذا زنت تقاصص كالمرأة المتزوجة التي تزني (تث 22: 24 و مت 1: 19). وكانت المخطوبة تبقى في بيت ابيها فترة من الزمن إلى أن تتم المخابرات والترتيبات مع العريس (يو 3: 29). ولما يحين وقت العرس يأتي العريس إلى بيت العروس، وهو مطيب بالزيوت (مز 45: 6) وعليه لباس العرس وعمامته (اش 61: 10 و نش 3: 11) وحوله اصدقاؤه (مت 9: 15). وكانت العروس تتطيب هي الأخرى بالاطياب (نش 4: 10 و 11). وتتحلى بالجواهر، وتلبس الاكاليل، وتحاط بالعذارى، وتلثم وجهها (مز 45: 13 و 14 و اش 49: 18 و 61: 10 و رؤ 19: 7 و 7 و 21: 2). ويأخذ العريس عروسه إلى بيته بحفل كبير، وتضاء المصابيح وتعقد الولائم، وتدوم الاحتفالات مدة اسبوع (مت 22: 1-10 و 25: 1-10 و لو 14: 8 و يو 2: 1-10 و رؤ 19: 9). وكان العريس إذا كان غنياً يوزع على الضيوف البسة ليلبسوها أمامه، ومن لم يفعل ذلك من المدعوين اعتبر عمله إهانة للعريس (مت 22: 11-13).
وقد شبه الكتاب المقدس علاقة يهوه مع شعبه، ثم علاقة المسيح مع كنيسته، بالاعراس، وبعلاقة العريس بالعروس، في اماكن عديدة (اش 54: 5 و هو 2: 19 و مت 9: 15 و يو 3: 29 و 2 كو 11: 2 و رؤ 19: 7).