يرجع أصل هذه العادة إلى أقدم أزمنة التاريخ المدوّن. ولم تشذ عنها أمة واحدة من أمم التاريخ القديم, وإن كان نظامها يختلف بين بلد وبلد, وبين عصر وعصر, وهي أن يملك إنسان آخر ويكون صاحب الحق فيه, جسماً وروحاً وتصرفات وإرادة.
وكانت تقسم العبودية عند العبرانيين إلى نوعين: عبودية العبرانيين , وعبودية غير العبرانيين.
أما عبودية العبرانيين للعبرانيين فإنها أخف أنواع العبودية. ولها ثلاث وسائل:
الفقر, بأن يبيع الإنسان نفسه ليسدد ديونه (لا 25: 39).
السرقة, إذا سرق إنسان ولم يستطع رد ما سرق (خر 22: 1 و 3).
(3) البيع, بأن يبيع أب ابنته جارية (خر21: 7 و 17). وفي هذه الحالات لم يكن للمقتني حق بيع هؤلاء العبيد الجدد,ولم يكن يحق بيعهم لمقتني ما لم يكن عبرانياً. أما وسائل الخلاص من العبودية فثلاث:
(1) إذا رد العبد المديون أو السارق دينه أو سرقته.
(2) بعد أن ينهي ست سنين من الخدمة, لأن أقصى مدة لعبودية العبراني هي ست سنوات.
(3) عند حلول سنة اليوبيل (لا 25: 39 و 40) أما إذا رفض العبد أن يعتق فيثقب سيده أذنه بالمثقب ويكرسه عبداً إلى الأبد. و إلا فإنه يرجع إلى أهله ومعه من الغلات والقطيع والبيدر والمعصرة. وقد أوصى الناموس بمعاملة العبيد العبرانيين برفق (لا 25: 43). وسمح للعبد بأن يتزوج بابنة سيده (1 أخبار 2: 35). أما المستعبدات فلم يكن لهن حق الانعتاق بعد السنوات الست. وكان على مقتني الجارية أن يتزوجها, أو يزوجها لابنه, ولا يردها لأبيها أو ينقل ملكيتها إلى مقتن عبراني آخر. ولم يكن له حق بيعها إلى أجنبي (خر 21: 7-11). وظلت عبودية العبرانيين للعبرانيين سارية حتى العودة من السبي, فألغوها وحرّموها.
عبودية العبرانيين لغير العبرانيين:
ليست خفيفة مثل النوع الأول من العبودية. وكان أكثر العبيد عند العبرانين من أسرى الحرب أو من مستوردات تجار الرقيق, ومن الأمم الشرقية في آسيا وأوروبا وأفريقيا. ولم تنقطع العادة أو تحرم بعد العودة من سبي بابل. إلا أن الفريسيين كانوا يعارضون في استمرارها. وكان معدل ثمن العبد ثلاثين شاقلاً من الفضة (خر 21: 32). إلا أن الثمن كان يختلف حسب الظروف. وقد بيع يوسف, وهو ابن سبعة عشر عاماً, بعشرين شاقلاً ( تك 37: 28). وكان الناموس يهتم بأحوال العبيد. وقد نص على إعتاقهم عند فقد أحدهم عينه أو يده (خر 21: 26 و 27) وكان الناموس يعتبر قتل العبد جريمة كقتل الحر (لا 24: 17 و 22). وسمح لهم بمعتقداتهم الدينية الأصلية. إلا أنه أعطى العبراني حق ختن العبيد. أما عملهم فكان قاسياً فلح الأرض وطحن الحنطة وإشغال البيت وغسل أرجل أسيادهم. وكان الأذكياء منهم يسلمون وظائف عالية, مثل اليعازر الذي أصبح وكيلاً على مال سيده ( تك 15: 2).
أما المسيحية فلم تشأ أن تحدث انقلاباً في الأوضاع عن طريق إثارة هياج العبيد وثورتهم في بدء نشأتها فقبلت ما كان سائداً عندئذ من امتلاك العبيد ( 1 كو 7: 21) وحثت العبيد أن يطيعوا سادتهم (أفسس 6: 5-8 و كو 3: 22-25 و 1 تيمو 6:1 و 2 و 1 بط 2: 18-21) كما عملت على إعادة عبد فار إلى سيده (فيليمون 10-16) ولكنها إلى جانب ذلك قررت مبادئ من شأنها أن تحدث تغيراً جوهرياً في قلوب السادة من نحو العبيد ومن شأنها أن تضع حداً لنظام العبودية, فقررت المساواة بين العبيد والأسياد في نظر الله (كو 7: 21 و 22 و غلاطية 3: 28 و كو 3: 11). وقد حثَّت الأسياد على أن يعاملوا عبيدهم بالرفق والاعتبار, مذكرة إياهم أن لهم حقوقاً يرعاها الله ويحافظ عليها ( أفسس 6: 9 و كو 4: 1).
وهناك نوعان آخران للعبودية:
أولاً: عبودية بني اسرائيل في مصر وبابل. أما العبودية في مصر فقد بدأت منذ أن أمّ اليهود صوب مصر في زمن يعقوب وأبنائه وعائلاتهم, الذبن بلغ عددهم سبعين نفساً (خر 1: 5). وقام ملك جديد لم يعرف يوسف, فأمر باستعباد بن اسرائيل.
أما عبودية بابل فقد تمت على يد الملك الكلداني نبوخذ نصر الذي زحف بجيشه الجرار على القدس وحاصرها ثم احتلها وقتل قسما كبيراً من أهلها وسبى الباقين أمامه نحو بابل, عاصمة ملكه, فيما بين النهرين. وهناك عامل ذكورهم كالعبيد . وإناثهم كالاما.. وكان ذلك في القرن السادس قبل الميلاد (2 مل ص 25).
ثانياً: العبودية الروحية, هي عبودية الإنسان لإبليس, أي الخطيئة (ا تي 3: 7 و 2 تي 2: 26 ويو 8: 34 واع 8: 23 ورو 6: 16 و 7: 23 و 2 بط 2: 19). وقد وعد الله الإنسان بالعتق منها بواسطة المسيح الذي جاء إلى الأرض ليحرر الإنسان من ربقتها (اش 42: 6 و 7 ولو 4: 18 و 21 و يو 8: 36 ورو 7: 24 و 25 وأف 4: 8), وبواسطة كلمة الله في الإنجيل (يو 32 و رو 8: 2).