معناها ((مدينة القمر)) أو ((مكان الروائح العطرية)) . وهي مدينة ذات أهمية عظمى، تقع على مسافة خمسة أميال غربي نهر الأردن وعلى مسافة سبعة عشر ميلاً شمال شرقي أورشليم. أما أريحا التي ورد ذكرها في العهد القديم فموضعها تل السلطان، الذي يقع على بعد مسافة ميل من مدينة أريحا الحديثة التي تدعى الآن ((الريحا)) وتلول أبو العليق التي تقع على مسافة ميل غربي أريحا الحديثة هي بقايا الحي الراقي الغني من أريحا في عصر العهد الجديد. وتقع أريحا في منخفض يبلغ 825 قدماً تحت مستوى سطح البحر ولذا فجوها حار. وقد ساعدت المياه الجارية من نبع السلطان ومن وادي القلت على جعل الراضي المحيطة بأريحا خصبة. وقد اشتهرت منذ عصور قديمة بزراعة شجر النخيل(تثنية 34: 1و3 وقض 3: 13). وفي العصور الحديثة الموز والبرتقال والورد(سيراخ 24: 14) وأشجار الجميز(لوقا 9: 14) والبلسم وكثير من أشجار الفاكهة.
وقد ورد ذكر هذه المدينة كثيراً في الكتاب المقدس لأنها كانت تتحكم في الوديان الذاهبة إلى عاي وأورشليم. وكانت أول مدينة هاجمها الإسرائيليون، غربي الأردن. وقد أرسل يشوع جواسيس إلى هذه المدينة وقد أخفتهم راحاب الزانية(يشوع 2: 1- 24) ووفقاً لأمر الرب سار المحاربون من إسرائيل صحبة سبعة من الكهنة حاملين أبواقاً وتابوت العهد، وقد طاف هؤلاء بالمدينة مرة في اليوم لمدة ستة أيام. وفي اليوم السابع طافوا حولها سبع مرات وضربوا بالأبواق وهتفوا هتافاً عالياً فسقطت أسوار المدينة. ويظن البعض أن الرب استخدم زلزلة من الزلازل التي كثيراً ما تحدث في تلك البقعة. وقد ذبح الإسرائيليون جميع سكان أريحا، ما عدا راحاب وأسرتها وخصصوا الأشياء الثمينة فيها للرب.(يشوع ص 6) وقد أخذ عاخان بعض هذه الأشياء الثمينة من أريحا لنفسه وكلن من نتيجة هذاأن انهزم الإسرائيليون أما هو وبيته فرجموا(يش ص 6). وقد أعطيت أريحا ضمن نصيب بنيامين وكانت على الحدود بين بنيامين وأفرايم(يش 16: 1و7، 18: 12 و21) وكان عجلون ملك موآب يسكن قصراً في أريحا لما أذل الإسرائيليين (قض 3: 13) . وقد أقام رسل داود الذين حلق ملك عمون لحاهم، في أريحا إلى أن نمت لحاهم(2 صم 10: 5 و1 أخبار 19: 5) وفي أيام آخاب حصّن حيئيل البتئيلي أريحا ولكنه فقد ابنيه وفقاً لنبوة يشوع(1 ملوك 16: 34 قارنه مع يش 6: 26) وقد زار إيليا وأليشع جماعة الأنبياء في أريحا قبل انتقال إيليا، ورجع أليشع إلى هؤلاء الأنبياء . والنبع الذي أبرأه أليشع هو ما يرجّح عين السلطان(2 ملو ص2) وقد أطلق سراح أسرى يهوذا الذين أخذهم جيش إسرائيل ، بقيادة فقح بن رمليا في أريحا(2 أخبار 28: 15) . وبالقرب من أريحا قبض البابليون على صدقيا الملك (2 ملو 25: 5 وأرميا 39: 5، 52: 8) وقد رجع مع زربابل من السبي 345 من سكان أريحا السابقين ونسلهم (عزرا 2: 34 ونح 7: 36) وقد ساعد بعض من هؤلاء في بناء سور أورشليم(نح 3: 2).
وقد بنى هيرودس الكبير قلعة بالقرب من أريحا، وفي النهاية مات هناك. وفي عصر العهد الجديد كانت فرقة من الكهنة تسكن أريحا. ولا بد أنهم كثيراً ما كانوا يسافرون في الطريق الموصل من أورشليم إلى أريحا كما ذكر في مثل السامري الصالح(لو 10: 30و31) وقد أعاد يسوع البصر لبارتيماوس الأعمى ورفيقه في أريحا(مت 20: 29 ومر 10: 46 ولو 18: 35). وقد زار المسيح بيت زكا جابي الضرائب في أريحا وقد تاب زكا ورجع إلى الرب بعد ما زار يسوع بيته(لو 19: 1- 10).
وقد أثبتت الكشوف التي أجريت في تل السلطان على أن أريحا من أقدم مدن العالم وترجع إلى العصر الحجري في الألف سنة السادسة قبل الميلاد. وقد اكتشف هنا أقدم فخار وأقدم نحت في العالم. وقد اكتشفت أيضاً أسوار أريحا التي سقطت في أيام يشوع وقد اسودت جدرانها من الحريق. وقد قدر بعض العلماء على أن ذلك الخراب الذي حلّ بأريحا حدث عام 1400 ق.م. ويقول آخرون أنه حدث في عام 1350 ق. م. وقد كشف المنقبون في تلول العليق عن قصر هيرودس الكبير الذي يظهر واضحاً من جبل التجربة(مت 4: 8) وقد وجدت هنا منازل مترفة شبيهة بالمنزل الذي كان يملكه زكا( لو 19: 1- 9).
عربات أريحا أو ((سهول أريحا)) :
وقد أطلق هذا الاسم على الأراضي الواقعة بين أريحا ونهر الأردن(يش 4: 13) وكانت مدينة الجلجال ، حيث حلّ الإسرائيليون في دخولهم أرض كنعان ، في هذه البقعة(يش 5: 10).