شجرة معروفة من القديم في فلسطين ( خر 23: 11 وتث 6: 11 ويش 24: 13 وقض 15: 5 و 1 صم 8: 14 ). كما كانت تنبت في أشور ( 2 مل 18: 32 ). ويظهر بهاؤها في أن أوراقها خضراء في الأعالي وسنجابية فضية من أسفل حتى إذا هزها الهواء ظهرت الشجرة من بعيد كأنها مغطاة ببرقع فضي شفاف جميل جداً ( هو 14: 6 ). وزهره أبيض وكثيراً ما ينتثر فتشبه به العاقر حينئذ ( اي 15: 33 ). وبؤكل حب الزيتون إلا أن قيمته العظمى في زيته ( اي 24: 11 وحز 27: 17 ). ولم يزل الثمر يجمع بخبط الشجرة ( تث 24: 20 ) أو النفض ( اش 17: 6 ). وقد أوصى الإسرائيليون بأن يبقوا خصاصة الزيتون للفقراء ( تث 24: 20 ).
ويعيش الزيتون مئات السنين ويحمل في الشيبة كالأرز وكالنخل ( قرن مز 92: 12 و 14 ). أما معاصره فقد كانت منقورة في الصخر ( اي 29: 6 ) كما تشهد بذلك الآثار أيضاً في تلك البلاد. مرات كانوا يدوسون حبوبه بالرجل ( مي 6: 15 ). وقد استعمل خشب الزيتون في صنع بعض أجزاء الهيكل ومتعلقاته ( 1 مل 6: 23 و 31 و 33 ). أما تطعيم الزيتونة في البرية في زيتونة جيدة فيشير إليه بولس في رسالة رومية 11: 17-24 مصوراً دخول الأمم إلى الإيمان، كما وتغيير الطبيعة الشريرة بالتطعيم بطبيعة أخرى يشير إلى عمل النعمة في القلب البشري الشرير.
وأول ما حملته الحمامة إلى نوح بعد الطوفان كان ورقة شجرة الزيتون ( تك 8: 11 ). لذلك صار غصن الزيتون شعار السلام وعلامته. وكذلك شجرة الزيتون علامة تشير إلى النجاح والبركة الإلهية ( مز 52: 8 وار 11: 16 وهو 14: 6 ). وعندما تتقدم شجرة الزيتون في العمر تكثر من حولها نباتات الزيتون الصغيرة النامية ( مز 128: 3 ). وقد كانت النساء تتزين في بعض المناسبات بإكليل من زهوره كما كان إكليل الزهر الذي يطوق عنق المنتصر في الألعاب الأولمبية في اليونان مكوناً من أوراق الزيتون.
جبل الزيتون:
يشرف هذا الجبل على أورشليم من الجهة الشرقية فترى من قمته كل شوارع المدينة وبيوتها ولا شك أن اسمه مأخوذ من شجر الزيتون الذي كان موجوداً فيه بكثرة. ولا تزال توجد فيه بعض أشجاره الكبيرة الحجم والقديمة العهد إلى الآن.
ويكثر ذكر هذا الجبل في العهد القديم تحت أسماء مختلفة، كجبل الزيتون ( 2 صم 15: 30 وزك 14: 4 ) والجبل ( نح 8: 15 ) والجبل الذي تجاه أورشليم ( 1 مل 11: 7 ) والجبل الذي على شرقي المدينة ( حز 11: 23 ) وجبل الهلاك ( 2 مل 23: 13 ). كما يذكر في العهد الجديد في علاقته بحياة المسيح رب المجد على الأرض ( مت 21: 1 و 24: 3 و 26: 30 ومر 11: 1 و 13: 3 و 14: 26 ولو 19: 29 و 37 و21: 37 و 22: 39 ويو 8: 1 واع 1: 12 ).
ويفصل هذا الجبل عن أورشليم وادي قدرون ( 2 صم 15: 14 و 23 و 30 ). وقد حسبت المسافة بين أقصى قممه الشمالية وبين أورشليم بسفر سبت ( اع 1: 12 )، أو كما قال يوسيفس أو ست غلوات.
على هذا الجبل صعد داود عاري القدمين وباكياً وهارباً أمام ابشالوم. وعلى هذا الجبل ظهر الرب لحزقيال في رؤياه ( حز 11: 23 ). كما ظهر لزكريا بروح النبوة واقفاً على هذا الجبل شافعاً في شعبه ( زك 14: 4 ). وطالما صعد المسيح إليه، وفي وقت نزوله منه قبل الصلب بأيام قليلة استقبلته الجموع بالهتاف والترحيب وكان هو يبكي على المدينة ومصيرها القريب ( لو 19: 37-44 )، وقد تحدث من سفح ذلك الجبل عن خراب الهيكل وتدمير المدينة ( مت 24: 3 ومر 13: 3 )، وقبل الفصح الأخير صعد إلى هناك حيث بستان جثسيماني في غرب الجبل. وقد كانت بيت عنيا وبيت فاجي في شرقه.
وفي الوقت الحاضر توجد مدينة صغيرة تسّمى العازرية مكان بيت عنيا حيث كان لعازر ومرثا ومريم، وحيث أقيم لعازر من الأموات، وبالقرب من هذا المكان صعد المسيح إلى السماء ( لو 24: 50 و 51 ).
ويسّمي العرب جبل الزيتون في الوقت الحاضر جبل الطور. وفي الحقيقة أن هذا الجبل عبارة عن سلسلة من الجبال تمتد بعض سلاسله إلى الميل طولاً، وله رؤوس ستة تسمى تلالاً أو قمماً، منها قمتان جانبيتان: 1- قمة ممتدة في الشمال الغربي وترتفع إلى 737ر2 قدماً تسمى حسب تسمية يوسيفس تل سكوبس. 2- قمة ممتدة في الجنوب الغربي وترتفع إلى 549ر2 قدماً وتسمى تل المشورة الرديئة نسبة إلى التقليد الذي يقول بأن قيافا كان يحتفظ ببيت ريفي في هذا الجانب، وفيه تمت مشورته مع الكهنة على قتل المسيح ( يو 11: 47-53 ). 3-قمة في الشمال ترتفع إلى 723ر2 قدماً وتسّمى في الوقت الحاضر كرم السيد، وكانت تدعى قبلاً تل الجليل نسبة على نزول الجليليين في هذه البقعة أيام الأعياد والمواسم، أو ربما بسبب الاعتقاد الذي تبلور في القرن الرابع عشر عن ارتفاع المسيح من هناك، بناء على قول الملاكين للرسل (( أيها الرجال الجليلييون )). 4- قمة الصعود وهي في مواجهة الباب الشرقي لأورشليم وترتفع إلى 643ر2 قدماً فوق سطح البحر، وقد عرفت بهذا الاسم من عام 315 م. وقد توّج قسطنطين هذه القمة بقبة وبكنيسة عظيمة، وقد تكاثرت الكنائس هناك باسم كنيسة الصعود. 5-قمة الأنبياء نسبة إلى وجود قبور الأنبياء على جانبها. 6-قمة المعصية نسبة إلى الاعتقاد أنه هناك بني سليمان مذابحه الوثنية لزوجاته الوثنيات.
وتعتبر قمة الصعود من قمة تل الأنبياء حتى أن بعضهم يعتبرها قمة واحدة.
ولا توجد بين الرؤوس الأربعة الأخيرة انخفاضات عميقة، وقد كان جبل الزيتون مكسواً قديماً بالزيتون والتين والبطم والسنديان، وبالنخل في بعض المواضع كبيت عنيا. وكانت بقرب قمته شجرتان من الأرز وتحتها أربعة حوانيت لبيع الحمام لخدمة الهيكل ، ولم يبقى من كل ذلك شيء سوى الزيتون والتين.
وعند أقدام جبل الزيتون وبالقرب من جثسيماني يمتد طريق متفرع إلى أربعة فروع: فرع إلى بيت عنيا وأريحا وقد بناه الخليفة عبد الملك بن مروان في القرن السابع الميلادي، والفرع الثاني يتجه عبر القمة إلى بيت فاجي وبيت عنيا، أما الفرعان الآخران فيتعرجان كثيراً في طريقهما إلى القمة. ومن وادي قدرون إلى الأردن يمتد طريق روماني قديم.