اسفار موسى الخمسة:
هي الاسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وهي: التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية. وسميّت هذه الاسفار ((سفر شريعة الرب بيد موسى)) (2 اخبار 34: 14) و (( سفر شريعة موسى)) (2 اخبار 17: 9) و ((سفر الشريعة)) (2 مل 22: 8 و 2 مل 23: 21) و ((شريعة موسى )) (عز 7: 6) و ((سفر شريعة موسى)) (نح 8: 1) و ((سفر موسى)) (عز 6: 18 ونح 13: 1 و 2 اخبار 25: 4 و 13: 12) و ((التوراة)) (مت 12: 5) و ((الناموس)) (لو 10: 26 ويو 8: 5 و 17) .
وقد اجمع جمهرة العلماء والباحثين على أن موسى هو كاتب هذه الاسفار أو أكثرها على الأقل، وإن يكن بعضهم قد شك في أن موسى هو كاتب الاسفار. وليس في الاسفار ذاتها آية واحدة تؤكد أن موسى هو كاتبها كلها. ومع ذلك فإنّا واجدون اقتباسين في القصة بقلم موسى ذاته: أحدهما قصة الانتصار على عماليق (خر 17: 14) . والثاني وصف رحلة بني اسرائيل من مصر إلى سهول موآب تجاه اريحا (عدد 33: 2) . وهناك أيضاً نشيد تهذيبي، يردد فضل الله على بني اسرائيل، ويقال أن موسى هو واضعه وملحنه (تث 31: 19 و 22 و 30 و 32: 44) . وكذلك نشيد الحمد والشكر على النجاة من يد فرعون والبحر الاحمر، وقد قيل أن موسى هو كاتبه ومنشده (خر 15: 1 - 18) .
ويتألف القسم التشريعي القانوني في هذه الاسفار من ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تسمى ((كتاب العهد)) وتتضمن الوصايا العشر، وهي القانون الأساسي للأمة، وبعض اللوائح والقوانين المتعلقة بها (خر ص 20 - ص 23) . وقد قيل أن موسى هو كاتب هذه المجموعة (خر 14: 4) . وتتألف المحموعة الثانية من شرائع وقوانين خاصة بالمقدس والخدمة (خر ص 25 - ص 31 ولاويين وجزء كبير من سفر العدد) . أما المجموعة الثالثة فقد قيل عنها صراحة أن موسى ألقاها ورددها في آذان الاجيال المقبلة عشية دخولهم أرض كنعان. وهي تشمل بياناً موجزاً للطريقة التي قاد بها الله الشعب، ثم تكراراً لبعض أجزاء الشريعة، وابراز النواحي الروحية والدينية فيها، والظروف المستخدمة التي ستطبق فيها هذه الاحكام. وقد ألقى موسى هذه العظات للشعب وكتبها وسلمها إلى اللاويين ليحتفظوا بها في عودتهم (تث 31: 9 و 24 - 26) . هذا هو الدليل الداخلي في الاسفار ذاتها التي تشير إلى أن موسى كاتبها.
وهناك أدلة أخرى غير هذا الدليل الداخلي، فإن بقية اسفار العهد القديم تشير إلى أن موسى هو كاتب الشريعة (يشوع 1: 7 و عزرا 6: 18 ونحميا 8: 1 و 18) . وكذلك توجد نصوص كثيرة في العهد القديم فيها اشارات واضحة صريحة إلى ((شريعة موسى)) (يشوع 8: 31 - 35 وقض 3: 4 و 1 ملوك 2: 3 و 2 ملوك 8: 6 و 12 و 21: 7 و 8 ودانيال 9: 11 و 13 وعزرا 3: 2 و 7: 6 وملا 4: 4) .
ثم اننا نجد في العهد الجديد اشارات كثيرة إلى أن موسى هو كاتب الاسفار الخمسة. فهذا هو رأي علماء اليهود وقادتهم في زمن السيد المسيح (مر 12: 19 ويو 8: 5) . وقد اشار السيد المسيح والبشيرون إلى هذه الاسفار الخمسة وإلى أن كاتبها هو موسى (مر 12: 26 ولو 16: 29 و 24: 27 و 44) . فيقولون (( جاء في موسى )) أو ((كتاب موسى )) ثم يشيرون أيضاً إلى أن موسى أعطاها أو جاءت على يديه أو أنه كاتبها (مر 10: 5 و 12: 19 ويو 1: 17 و 5 46 و 47 و 7: 19) .
وقد زعم بعضهم أن هناك عبارات يصعب صدورها عن موسى، إلا اننا عند درس هذه العبارات لا نجد مشقة البتة في قبول صدورها عن موسى فمثلاً القول ((وكان الكنعانيون حينئذ في الارض)) (تك 12: 6) وهي عبارة تاريخية صادقة فإن الكنعانيين كانوا حقاً وفعلاً في الأرض في زمن ابراهيم. كذلك القول الوارد في (تثنية 1: 1) (( في عبر الأردن)) فيزعم بعضهم إن هذه العبارة لا تصدر إلا عن كاتب كان في كنعان فعلاً. ولكن ألا يعتبر هذا الاسم ((عبر الأردن)) اسم علم لشرق الأردن بدون أي نظر إلى المكان الذي يوجد فيه الكاتب.
أما عن سجل موت موسى في تثنية 34: 5 - 12 فهل يصعب أن يكون هذا الجزء قد أضيف بعد موت موسى بارشاد الروح القدس. وهذا لا يعني البتة أن شخصاً آخر غير موسى كتب هذه الاسفار الخمسة.
فكثرة علماء الكتاب المقدس مقتنعون بأن موسى هو كاتب تلك الاسفار، وذلك لأنه عرف شخصياً جانباً عظيماً من الحوادث التي جاءت بها، وخاصة ما يتعلق بمصر واحوال شعبها وحضارتها، مثال ذلك تلميحه إلى طريقة السقي (تث 11: 10) والحرب (تث 20: 5) واستخراج المعادن (تث 8: 9) والقصاص (تث 20: 5) واستخراج المعدن (تث 8: 9) والقصاص (تث 20: 5) الخ. ولا يقدر أحد أن يقدم البيان الوافي عن رحلة البرية ما لم يكن هو على رأس الراحلين. فضلاً عن هذا فإن أسلوب الاسفار الخمسة ولاهوتها وخاصة ما تعلق بالثواب والعقاب في الآخرة، يرجع تاريخها إلى عصر مبكر قبل عصر داود، يرجع تاريخها إلى عصر مبكر قبل عصر داود، وقبل السبي. وقد ايدت الحفريات تاريخية الاسفار الخمسة فاثبتت وجود برج بابل وكذلك وجود الحثيين، وكان زعم البعض قبل ذلك بعدم وجودهم. واثبتت الحفريات أيضاً ما حدث من اقلاب مدن الدائرة كسدوم وعامورة. وكذلك ايدت الحفريات ما تذكره هذه الاسفار عن حالة الآباء الأولين من حيث أنها توافق ما كان مألوفاً ومعروفاً في القرن العشرين قبل الميلاد، لا في عصر نتأخر عن هذا.