الترجمة البولسية

البشارة كما دوّنها مرقس

مثل الزارع1 وأخذ يعلم من جديد بجانب البحر؛ فاجتمع إليه جمع كثير جدا، حتى إنه ركب سفينة، وجلس فيها على البحر، فيما الجمع كله على الأرض بجانب البحر.2 وجعل يعلمهم أشياء كثيرة بأمثال؛. وقال لهم في تعليمه:3 "إسمعوا! هوذا الزارع خرج يزرع.4 وفيما هو يزرع وقع بعض الزرع على الطريق، فأتت الطيور وأكلته.5 ووقع البعض على الأرض الحجرة حيث لم يكن له تراب كثير؛ فنبت لساعته، إذ لم يكن له عمق في الأرض.6 ولما شرقت الشمس احترق، وإذ لم يكن له أصل يبس.7 ووقع البعض في الشوك؛ ونما الشوك فخنقه، فلم يثمر.8 ووقع غيره في الأرض الجيدة، فارتفع وترعرع وأثمر، وأعطى الواحد ثلاثين، والآخر ستين، والآخر مئة".9 ثم قال: "من له أذنان للسماع فليسمع".10 ولما انفرد سأله الذين حوله، مع الاثني عشر، عن الأمثال.11 فقال لهم: "أنتم قد أوتيتم أن تعرفوا سر ملكوت الله. وأما أولئك، الذين في الخارج فكل شيء لهم بأمثال.12 لكي ينظروا نظرا ولا يبصروا، ويسمعوا سماعا ولا يفهموا، لئلا يتوبوا فيغفر لهم".13 ثم قال لهم: "أما تفهمون هذا المثل؟ فكيف إذن تفهمون سائر الأمثال؟14 فالزارع يزرع الكلمة.15 أما الذين على الطريق، حيث تزرع الكلمة، فعندما يسمعون يأتي الشيطان على الفور، وينتزع الكلمة المزروعة فيهم.16 وكذلك الذين يتلقون الزرع في الأرض الحجرة؛ فإنهم إذا ما سمعوا الكلمة، قبلوها، للحال، بفرح.17 ولكن، ليس لهم أصل في ذواتهم، بل هم متقلبون؛ ثم اذا طرأ شدة أو اضطهاد من أجل الكلمة، تشككوا في الحال.18 والذين يتلقون الزرع في الشوك، هم الذين يسمعون الكلمة.19 إلا أن هموم هذه الدنيا، وغرور الغنى، وسائر الشهوات الأخرى تغشاهم، فتخنق الكلمة، فلا تعطي ثمرا.20 وأما الذين تلقوا الزرع في الأرض الجيدة، فهم الذين يسمعون الكلمة، ويقبلونها، ويثمرون ثلاثين وستين ومئة".مثلا السراج والمكيال21 وقال لهم أيضا: "أيؤتى بالسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير؟ أوليس ليوضع على المنارة؟22 فما من خفي إلا يظهر، وما من مكتوم إلا يعلن.23 من له أذنان للسماع، فليسمع!"24 وقال لهم أيضا: "تبصروا في ما تسمعون: إن الكيل الذي تكيلون به، به يكال لكم وتزادون.25 فإن من له يعطى؛ ومن ليس له، فالقليل الذي له يؤخذ منه".مثل الزرع النابت من ذاته26 وقال أيضا: "مثل ملكوت الله كمثل إنسان ألقى الزرع في الأرض.27 فسواء أنام أم استيقظ، في الليل وفي النهار، فالزرع ينبت وينمو، ولا يدري كيف.28 فالأرض من ذاتها تثمر: تخرج الساق أولا، ثم السنبلة، ثم الحنطة ملء السنبلة.29 فإذا أدرك الثمر أعمل فيه المنجل، في الحال، لأنه قد أحصد".مثل حبة الخردل30 وقال أيضا: "بم نشبه ملكوت الله؟ وبأي مثل نمثله؟31 إنه مثل حبة الخردل، التي تكون، عندما تزرع في الأرض، أصغر جميع البزور التي على الأرض.32 فإذا زرعت طلعت، وصارت أكبر من جميع البقول؛ ثم تفرع أغصانا كبيرة، حتى إن طيور السماء تقدر أن تأوي إلى ظلها".33 وبكثير من مثل هذه الأمثال كان يلقي عليهم الكلمة، على قدر ما كان في وسعهم أن يفقهوا.34 ولم يكن يكلمهم بغير مثل؛ إلا أنه، في الخلوة، كان يفسر لتلاميذه الأخصاء كل شيء.تسكين العاصفة35 وفي ذلك اليوم، عند المساء، قال لهم: "لنعبر إلى الشاطئ الآخر".36 فصرفوا الجمع، وأخذوه، على ما كان عليه، في السفينة؛ وكان معه أيضا سفن أخرى.37 وهبت عاصفة شديدة؛ واندفعت الأمواج على السفينة، حتى أوشكت السفينة أن تمتلئ.38 وأما هو فكان في مؤخر السفينة، نائما على وسادة. فأيقظوه، قائلين: "يا معلم، أما يهمك أنا نهلك؟!"39 فاستيقظ، وزجر الريح، وقال للبحر: "صه! اسكت!" فسكنت الريح، وساد هدوء عظيم.40 ثم قال لهم: "لم تخافون؟ أوليس لكم إيمان بعد؟"41 فاستولى عليهم ذعر شديد؛ وطفقوا يقولون في ما بينهم. "من هو هذا فتطيعه الريح والبحر!"