| المقابلة الخامسة: الظلام وعمود النار |
حك 17-1 | إن أحكامك عظيمة لا يعبر عنها ولذلك ضلت نفوس لا تأديب لها. |
حك 17-2 | فإنه لما توهم آثمون أنهم يتسلطون على أمة قديسة أمسوا أسرى الظلام ومقيدين بليل طويل محبوسين تحت سقوفهم منفيين عن العناية الأبدية. |
حك 17-3 | كانوا يظنون أنهم يبقون مستترين في خطاياهم الخفية تحت ستار النسيان المظلم فبددوا وهم في رعب شديد وفي فزع من الأخيلة |
حك 17-4 | لأن الملجأ الذي كان يسترهم أيكن يقيهم من الخوف فقد كانت أصوات صاخبة تدوي من حولهم وأشباح مكفهرة كاسفة الوجوه تظهر لهم. |
حك 17-5 | ولم تكن النار، مهما اشتدت قوتها، تلقي نورا ولا كان بريق النجوم ينير ذلك الليل البهيم. |
حك 17-6 | ولم يكن يلمع لهم إلا كتلة من نار تشتعل من تلقاء ذاتها وتلقي الرعب. وكانوا، إذا غاب عنهم هذا المنظر لا يزالون مرتعدين حاسبين ما يظهر لهم أهول مما هو. |
حك 17-7 | عجزت حيل السحر وأفحم ادعاؤه بالفطنة إفحاما مخزيا |
حك 17-8 | لأن الذين وعدوا بنفي المخاوف والاضطرابات عن النفس المريضة هؤلاء أمرضهم خوف مضحك |
حك 17-9 | فإنه وإن لم يكن هناك شيء هائل يخيفهم كان مرور الدويبات وفحيح الأفاعي يفزعهم |
حك 17-10 | فيهلكون من الخوف ويرفضون حتى النظر إلى ذلك الهواء الذي لا مهرب منه على كل حال. |
حك 17-11 | لأن الخبث يدل على الجبن حين يحكم عليه شاهده ولمضايقة الضمير لا يزال يضخم الصعوبات. |
حك 17-12 | فليس الخوف إلا التخلي عن إسعافات العقل. |
حك 17-13 | فكما قل توقعها اشتد الشعور بجهل ما يجلب العذاب. |
حك 17-14 | أ ما هم ففي ذلك الليل العاجز على الإطلاق والخارج من أعماق مثوى الأموات العاجز كانوا نائمين النوم نفسه |
حك 17-15 | وكانوا تارة تطاردهم أشباح مسخية وتارة تنحل قواهم من خور نفوسهم لما غشيهم من خوف مفاجئ وغير متوقع. |
حك 17-16 | وكذلك فمن سقط هناك، أيا كان بقي محبوسا في سجن ليس له قضبان حديد. |
حك 17-17 | فإن كان فلاحا أو راعيا أو صاحب عمل من أعمال البرية أخذ بغتة ووقع في القضاء المحتوم |
حك 17-18 | لأنهم جميعا كانوا مقيدين بسلسلة واحدة من الظلام فهزيز الريح وتغريد الطيور على الأغصان الملتفة وإيقاع المياه الجارية بقوة |
حك 17-19 | وقعقعة الحجارة المتدحرجة وعدو الحيوانات القافزة الذي لا يرى وزئير أشد الحيوانات توحشا والصدى المتردد في بطون الجبال كل ذلك كان يشلهم من الخوف |
حك 17-20 | لأن العالم كله كان يضيئه نور ساطع ويتعاطى أعماله بغير مانع. |
حك 17-21 | عليهم وحدهم كان ليل بهيم منتشرا وهو صورة للظلمة الموشكة أن تتلقاهم لكنهم كانوا على أنفسهم أثقل من الظلمة. |