05 الرفيق: رافائيل الملاك1 فأجاب طوبيا وقال لأبيه طوبيت: (( كل ما أوصيتني به أفعله، يا أبت.2 ولكن كيف أستطيع أن أسترد منه ذلك المال، وهو لا يعرفني وأنا لا أعرفه؟ فا العلامة التي أعطيه إياها فيعرفني ويصدقني ويعطيني المال؟ ثم إن الطرق إلى ميديا لا أعرفها للذهاب إليها )).3 فأجاب طوبيت وقال لآبنه طوبيا: (( وقع لي على صك ووقعت له عليه وشطرته شطرين ليكون لكل منا شطر. وأخذت شطرا ووضعت الشطر الآخر مع المال. والآن فقد مضى عشرون سنة منذ أن أودعت هذا المال فآبحث لك، يا بني، عن رجل أمين يرافقك فنعطيه أجرة إلى أن تعود، واسترد ذلك المال من جبعئيل )).4 فخرج طوبيا ببحث عن رجل يرافقه إلى ميديا ويعرف الطريق. وعند خروجه وجد الملاك رافائيل واقفا أمامه، ولم يعلم بأنه ملاك من ملائكة الله.5 فقال له: (( من أين أنت، يا فتى؟ )). قال له: (( من بني إسرائيل إخوتك، جئت الى هنا للعمل )). قال له: (( أتعرف الطريق للذهاب إلى ميديا؟ )).6 قال له: (( نعم، وكثيرا ما كنت فيها، ولي خبرة ومعرفة بجميع الطرق. ذهبت إلى ميديا مرارا ونزلت بأخينا جبعئيل المقيم براجيس ميديا. وتبعد أحمتا عن راجيس مسيرة يومين عادية. فإن راجيس تقع في الجبل )).7 قال له طوبيا: (( إنتظرني، يا فتى، حتى أدخل فأخبر أبي. فإني أحتاج إلى أن تأتي معي فأعطيك أجرتك )).8 قال له: (( إني أنتظرك، ولكن لا تبطئ )). فدخل طوبيا وأخبر أباه طوبيت فقال له: (( وجدت رجلا من بني إسرائيل إخوينا )). قال له: (( ادع لي الرجل لأعرف من أي نسل ومن أي سبط هو، وهل هو أمين لكي يرافقك، يا بني )).9 فخرج طوبيا ودعاه فقال له: (( يا فتى، أبي يدعوك )).10 فدخل اليه، فبادره طوبيت السلام، فقال له الرجل: (( أتمنى لك كل خير )). فأجاب طوبيت وقال له: (( كيف لي أن أكون بخير وأنا رجل محروم العينين لا ارى نور السماء، بل أقيم في الظلام كالأموات الذين لم يعودوا يشاهدون النور. أنا حي بين الأموات، أسمع أصوات الناس ولا أراهم )). قال له: (( طب نفسا، فعن قريب تنال الشفاء من لدن الله، طب نفسا )). قال له طوبيت: (( إن آبني طوبيا يريد السفر إلى ميديا، فهل لك أن ترافقه وتقوده؟ إني أعطيك أجرتك، يا أخي )). قال له: (( في إمكاني أن أرافقه فإني أعرف جميع الطرق، وكثيرا ما ذهبت الى ميديا ومررت بجميع سهولها وجبالها، وأنا أعرف جميع طرقها )).11 قال له: (( يا أخي، من أية عشيرة أنت ومن أي سبط ؟ أخبرني، يا أخي )).12 قال له: (( ما الفائدة لك من سبطي؟ )). قال له: (( أريد أن أعرف بالحقيقة آبن من أنت، يا أخي، وما آسمك )).13 قال له: (( أنا عزريا بن حننيا العظيم، أحد إخوتك )).14 قال له: (( أهلا بك سالما معافى، يا أخى. لا تغضب علي، يا اخي، لأني أردت معرفة الحقيقة عن عشيرتك: فقد أتفق أنك أخ لي وأنك من نسب كريم صالح. إني أعرف حننيا وناتان آبني سماليا العظيم. فقد كانا يرافقاني إلى أورشليم ويسجدان معي، ولم يضلا الطريق. إخوتك رجال صالحون. إنك من أصل كريم، فأهلا بك سعيدا )).15 وقال له أيضا: (( أدفع لك درهما في اليوم ومعيشتك كمعيشة آبنى.16 فرافق آبني، وأنا أزيد لك الأجرة )). قال له: (( سأرافقه، فلا تخف، فإننا نذهب سالمين ونعود إليك سالمين، لأن الطريق آمنة )).17 قال له: (( عليك البركة، يا أخي )). ثم دعا طوبيت آبنه فقال له: (( يا بنى، أعد ما يلزم للطريق وآذهب مع أخيك، والله الذي في السماء يحفظكما هناك ويردكما إلي سالمين، وملاكه يرافقكا بحمايته، يا بني )). وخرج طوبيا للذهاب في طريقه وقبل أباه وأمه، فقال له طوبيت: (( اذهب سالما )).18 وبكت أمه وقالت لطوبيت: (( لماذا ترسل ولدي؟ أما هو عكاز شيخوختنا، وهو الذي يدخل ويخرج أمامنا؟19 يجب ألا يضاف المال إلى المال، بل أن يكون فدية ولدنا.20 كفانا ما رزقنا الرب من عيش ))21 قال لها (( دعي عنك الهم، فإن ولدنا سيذهب سالما ويعود إلينا سالما. وعيناك ستشاهدان اليوم الذي يعود فيه إليك سالما. فدعي عنك الهم ولا تخافي عليهما، يا أختي.22 سيرافقه ملاك صالح ويكون سفره ناجحا ويعود سالما )).