ترجمة كتاب الحياة

رسالة إلى العبرانيين

1 فقد كانت شريعة موسى تتضمن ظلا واهيا للخيرات التي سيأتي بها المسيح، ولم تكن لتصور الحقيقة كما هي. ولذلك، لم تكن قادرة أن توصل إلى الكمال أولئك الذين يتقربون بها إلى الله، مقدمين دائما الذبائح السنوية عينها،2 وإلا، لما كان هنالك داع للاستمرار في تقديمها! لأن ضمائر العابدين، متى تطهرت مرة واحدة إلى التمام، لا تعود بحاجة إلى التطهير مرة ثانية: إذ يكون الشعور بالذنب قد زال.3 ولكن في عملية تقديم الذبائح المتكررة كل سنة، تذكيرا للعابدين بخطاياهم.4 فمن المستحيل أن يزيل دم الثيران والتيوس خطايا الناس.5 لذلك قال المسيح، عند مجيئه إلى هذه الأرض: «إن الذبائح والتقدمات ما أردتها. لكنك أعددت لي جسدا بشريا.6 فالحيوانات التي كانت تذبح وتحرق أمامك تكفيرا عن الخطيئة، لم ترض بها.7 عندئذ قلت لك: ها أنا آتي لأعمل إرادتك، ياالله . هذا هو المكتوب عني في صفحة الكتاب !»8 فبعد أن عبر المسيح عن عدم رضى الله بجميع التقدمات والذبائح التي كانت تقرب مع أنها كانت تقدم وفقا للشريعة،9 أضاف قائلا: «ها أنا آتي لأعمل إرادتك!» فهو، إذن، يلغي النظام السابق، ليضع محله نظاما جديدا ينسجم مع إرادة الله.10 بموجب هذه الإرادة الإلهية، صرنا مقدسين إذ قرب يسوع المسيح، مرة واحدة، جسده عوضا عنا!11 وقديما، كان كل كاهن يقف يوميا أمام المذبح ليقوم بمهمته، فيقدم لله تلك الذبائح عينها، مع أنها لم تكن قادرة على إزالة الخطايا إطلاقا.12 ولكن المسيح، رئيس كهنتنا، قدم ذبيحة واحدة عن الخطايا، ثم جلس إلى الأبد عن يمين الله،13 منتظرا أن يوضع أعداؤه موطئا لقدميه.14 إذ إنه، بتقدمة وحيدة جعل أولئك الذين قدسهم كاملين إلى الأبد.15 والروح القدس نفسه يشهد لنا بهذه الحقيقة. إذ قال أولا:16 «هذا هو العهد الذي أبرمه معهم بعد تلك الأيام، يقول الرب: أضع شرائعي في داخل قلوبهم، وأكتبها في عقولهم».17 ثم أضاف: «ولا أعود أبدا إلى تذكر خطاياهم ومخالفاتهم».18 فحينما يتحقق غفر ان الخطايا، لا تبقى حاجة بعد إلى تقريب التقدمات عنها!نتائج ذبيحة المسيح19 فلنا الآن، أيها الإخوة حق التقدم بثقة إلى «قدس الأقداس» (في السماء) بدم يسوع.20 وذلك بسلوك هذا الطريق الحي الجديد الذي شقه لنا المسيح بتمزيق الحجاب، أي جسده.21 ولنا أيضا كاهن عظيم يمارس سلطته على بيت الله.22 فلنتقدم إلى حضرة الله بقلب صادق وبثقة الإيمان الكاملة، بعدما طهر رش الدم قلوبنا من كل شعور بالذنب، وغسل الماء النقي أجسادنا.23 ولنتمسك دائما بالرجاء الذي نعترف به، دون أن نشك في أنه سيتحقق، لأن الذي وعدنا بتحقيقه، هو أمين وصادق.24 وعلى كل واحد منا أن ينتبه للآخرين، لنحث بعضنا بعضا على المحبة والأعمال الصالحة.25 وعلينا ألا ننقطع عن الاجتماع معا، كما تعود بعضكم أن يفعل. إنما، يجدر بكم أن تحثوا وتشجعوا بعضكم بعضا، وتواظبوا على هذا بقدر ما ترون ذلك اليوم يقترب.عاقبة رفض المسيح26 فإن أخطأنا عمدا برفضنا للمسيح بعد حصولنا على معرفة الحق، لا تبقى هناك ذبيحة لغفران الخطايا،27 بل انتظار العقاب الأكيد في لهيب النار التي ستلتهم المتمردين. ويا له من انتظار مخيف!28 تعلمون أن من خالف شريعة موسى، كان عقابه الموت دون رحمة، على أن يؤيد مخالفته شاهدان أو ثلاثة.29 ففي ظنكم، كم يكون أشد كثيرا ذلك العقاب الذي يستحقه من يدوس ابن الله، إذ يعتبر أن دم العهد، الذي يتقدس به، هو دم نجس، وبذلك يهين روح النعمة؟30 فنحن نعرف من قال: «لي الانتقام، أنا أجازي، يقول الرب!» وأيضا: «إن الرب سوف يحاكم شعبه!»31 حقا ما أرهب الوقوع في يدي الله الحي!32 لا تنسوا أبدا تلك الأيام الماضية التي فيها، بعدما أشرق عليكم نور الإيمان بالمسيح، صبرتم على جهاد مرير طويل، إذ قاسيتم كثيرا من الآلام.33 وذلك عندما تعرضتم للإهانات والمضايقات من جهة، وعندما شاركتم الذين عوملوا مثل هذه المعاملة من جهة أخرى.34 فقد تعاطفتم مع المسجونين، كما تقبلتم نهب ممتلكاتكم بفرح، علما منكم بأن لكم في السماء ثروة أفضل وأبقى.35 إذن، لا تتخلوا عن ثقتكم بالرب. فإن لها مكافأة عظيمة.36 إنكم تحتاجون إلى الصبر لتعملوا إرادة الله، فتنالوا البركة التي وعدتم بها.37 فقريبا جدا، سيأتي الآتي ولا يتمهل.38 وأما من تبرر بالإيمان، فبالإيمان يحيا. ومن ارتد لا تسر به نفسي!39 ولكننا نحن لسنا من أهل الارتداد المؤدي إلى الهلاك، بل من أهل الإيمان المؤدي إلى خلاص نفوسنا!