الْمَزْمُورُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ - مَزْمُورٌ تَعْلِيمِيٌّ لآسَافَ1 اصغ ياشعبي إلى شريعتي، أرهفوا آذانكم إلى أقوال فمي.2 أفتح فمي بمثل وأنطق بألغاز قديمة جدا،3 سمعناها وعرفناها وحدثنا بها آباؤنا.4 لا نكتمها عن أبنائنا بل نخبر الجيل القادم: عن قوة الرب وعجائبه التي صنع.5 فإنه أعطى شرائع لبني إسرائيل وأوامر لذرية يعقوب، أوصى فيها آباءنا أن يعرفوا بها أبناءهم.6 لكي يعرفها الجيل القادم، البنون الذين لم يولدوا بعد، فيعلموها أيضا لأعقابهم.7 فيضعون على الله اتكالهم ولا ينسون أعماله، بل يحفظون وصاياه.8 ولا يكونون مثل آبائهم، جيلا عنيدا متمردا، جيلا لم يثبت قلبه ولا كانت روحه أمينة لله.9 رماة القوس، بنو أفرايم تقهقروا في يوم المعركة.10 لأنهم لم يراعوا عهد الله، ورفضوا السلوك في شريعته.11 نسوا أفعاله وعجائبه التي أظهرها لهم،12 العجائب التي رآها آباؤهم في سهل صوعن في أرض مصر.13 شق البحر وأجازهم، وجعل المياه تقف كجدار.14 أرشدهم بالسحاب نهارا وبنور نار الليل كله.15 شق صخورا في البرية وسقاهم ماء غزيرا كأنه من اللجج.16 أخرج من الصخرة سواقي، أجرى مياهها كأنهار.17 لكنهم أوغلوا في غيهم مستثيرين غضب العلي في الصحراء.18 وجربوا الله في قلوبهم، طالبين طعاما اشتهته نفوسهم19 وتذمروا على الله قائلين: أيقدر الله أن يبسط لنا مائدة في البرية؟20 ها هو قد ضرب الصخرة فتفجرت منها المياه وفاضت الأنهار، فهل يقدر أيضا أن يقدم الخبز أو يوفر اللحم لشعبه؟21 فلما سمع الله ذلك ثار غضبه، واندلعت النار في يعقوب، واشتد السخط على إسرائيل،22 لأنهم لم يؤمنوا بالله ولم يتكلوا على خلاصه.23 ومع ذلك أمر السحاب وفتح أبواب السماوات،24 فأمطر عليهم المن ليأكلوا، وأنزل عليهم حنطة السماوات.25 فأكل الإنسان خبز الملائكة، إذ أرسل لهم زادا حتى شبعوا.26 أثار ريحا شرقية في السماوات، وبقوته ساق ريحا جنوبية.27 فأمطر عليهم لحما كثيرا كالتراب، وطيورا كرمل البحر،28 جعلها تتساقط في وسط خيامهم حول مساكنهم.29 فأكلوا حتى شبعوا جدا، وأعطاهم مشتهاهم.30 وقبل أن يفرغوا من الطعام الذي اشتهوه، وهو بعد في أفواههم،31 ثار عليهم غضب الله، فقتل أسمنهم وصرع نخبتهم.32 ومع هذا ظلوا يخطئون، وبالرغم من عجائبه لم يؤمنوا،33 فأفنى أيامهم بالباطل وسنيهم في الرعب.34 وعندما قتل بعضهم، رجعوا بحرارة تائبين يلتمسون الله .35 تذكروا أن الله صخرتهم والإله العلي فاديهم.36 ولكنهم خادعوه بأفواههم، ونافقوه بألسنتهم.37 لم يكونوا مخلصين له، ولا كانوا أوفياء لعهده.38 لكنه كان رحيما، فعفا عن الإثم ولم يهلكهم. وكثيرا ما كبح غضبه عنهم ولم يضرم كل سخطه.39 ذكر أنهم بشر كالريح التي تذهب ولا تعود.40 كم تمردوا عليه في البرية وأحزنوه في الصحراء.41 ثم عادوا يجربون الله ويغيظون قدوس إسرائيل.42 لم يذكروا قوته يوم أنقذهم من طالبيهم،43 كيف أجرى آياته في مصر وعجائبه في سهول صوعن.44 إذ حول أنهارهم وسواقيهم دما حتى لا يشربوا.45 أرسل عليهم بعوضا فأكلهم، وضفادع فأهلكتهم.46 أسلم غلتهم لليسارع ومحاصيلهم للجراد ليدمرها.47 أتلف كرومهم بالبرد وجميزهم بالصقيع،48 ودفع بهائمهم إلى البرد، ومواشيهم إلى نار البروق.49 أرسل عليهم حمم غضبه، وسخطه وغيظه، وأطلق عليهم حملة من ملائكة الهلاك.50 أفلت عنان غضبه، ولم يحفظهم من الموت، بل أهلكهم بالوبإ،51 وأباد كل أبكار مصر، طلائع ثمار الرجولة في خيام حام.52 ثم ساق شعبه كالغنم واقتادهم مثل القطيع في الصحراء.53 هداهم آمنين فلم يفزعوا. أما أعداؤهم فطغى البحر عليهم وغمرهم.54 وأدخلهم إلى تخوم أرضه المقدسة، إلى الجبل الذي امتلكته يمينه.55 ثم طرد الأمم من أمامهم وقسم أرضهم بالحبل ليجعلها ميراثا لشعبه، وأسكن في خيامهم أسباط إسرائيل.56 غير أنهم جربوا الله العلي وتمردوا عليه، ولم يراعوا شهاداته.57 بل ارتدوا عنه وغدروا كما فعل آباؤهم، وانحرفوا كقوس مخطئة.58 وأغاظوه بمعابد مرتفعاتهم وأثاروا غيرته بأصنامهم.59 سمع الله فغضب، وعافت نفسه إسرائيل جدا.60 هجر مسكنه في شيلوه، تلك الخيمة التي نصبها مسكنا له بين الناس.61 وأسلم تابوت عهد عزته إلى السبي وجلاله إلى يد العدو.62 ودفع شعبه إلى السيف وصب نقمته على ميراثه.63 فالتهمت النار فتيانهم، ولم تنشد لعذاراهم أغنية زواج.64 سقط كهنتهم صرعى السيف، وأراملهم لم يندبن عليهم.65 ثم استيقظ الرب كما يستيقظ النائم، مثل جبار يصرخ عاليا من الخمر.66 فضرب أعداءه وقهرهم، وجعلهم عارا مدى الدهر.67 رفض السكنى في خيمة يوسف ولم يختر سبط أفرايم.68 بل اصطفى سبط يهوذا، جبل صهيون الذي أحبه.69 فشيد هيكله، (كمسكنه) في السماوات العلى. جعله (ثابتا) مثل الأرض التي أسسها إلى الأبد.70 واصطفى داود عبده، وأخذه من بين حظائر الغنم.71 من خلف النعاج المرضعة أتى به، ليرعى يعقوب شعبه وإسرائيل ميراثه.72 فرعاهم بقلب مستقيم، وهداهم بيديه الماهرتين.