الله ليس ظالماً1 وأضاف أليهو قائلا:2 «استمعوا إلى أقوالي أيها الحكماء، وأصغوا إلي ياذوي المعرفة،3 لأن الأذن تمحص الأقوال كما يتذوق الحنك الطعام.4 لنتداول فيما بيننا لنميز ما هو أصوب لنا، ونتعلم معا ما هو صالح.5 يقول أيوب: «إني بار، ولكن الله قد تنكر لحقي،6 ومع أني محق فأنا أدعى كاذبا، ومع أني بريء فإن سهمه أصابني بجرح مستعص».7 فمن هو نظير أيوب الذي يجرع الهزء كالماء،8 يواظب على معاشرة فاعلي الإثم، ويأتلف مع الأشرار،9 لأنه يقول: لا ينتفع الإنسان شيئا من إرضاء الله.10 لذلك أصغوا إلي ياذوي الفهم: حاشا لله أن يرتكب شرا أو للقدير أن يقترف خطأ،11 لأنه يجازي الإنسان بموجب أعماله، وبمقتضى طريقه يحاسبه.12 إذ حاشا لله أن يرتكب شرا، والقدير أن يعوج القضاء.13 من وكل الله بالأرض؟ ومن عهد إليه بالمسكونة؟14 إن استرجع روحه إليه واستجمع نسمته إلى نفسه15 فالبشر جميعا يفنون معا، ويعود الإنسان إلى التراب.الله يرى طرق الإنسان16 فإن كنت من أولي الفهم، فاستمع إلى هذا، وأنصت لما أقول:17 أيمكن لمبغض العدل أن يحكم؟ أتدين البار القدير؟18 الذي يقول للملك: أنت عديم القيمة، وللنبلاء: أنتم أشرار؟19 الذي لا يحابي الأمراء، ولا يؤثر الأغنياء على الفقراء، لأنهم جميعا عمل يديه.20 في لحظة يموتون، تفاجئهم المنية في منتصف الليل، تتزعزع الشعوب فيفنون، ويستأصل الأعزاء من غير عون بشري،21 لأن عينيه على طرق الإنسان وهو يراقب خطواته.22 لا توجد ظلمة، ولا ظل موت، يتوارى فيهما فاعلو الإثم،23 لأنه لا يحتاج أن يفحص الإنسان مرة أخرى حتى يدعوه للمثول أمامه في محاكمة.24 يحطم الأعزاء من غير إجراء تحقيق، ويقيم آخرين مكانهم25 لذلك هو مطلع على أعمالهم، فيطيح بهم في الليل فيسحقون.26 يضربهم لشرهم على مرأى من الناس،27 لأنهم انحرفوا عن اتباعه، ولم يتأملوا في طرقه،28 فكانوا سببا في ارتفاع صراخ البائس إليه، والله يستجيب استغاثة المسكين.29 فإن هيمن بسكينته فمن يدينه، وإن وارى وجهه فمن يعاينه، سواء أكانوا شعبا أم فردا30 لكي لا يسود الفاجر، لئلا تعثر الأمة.أليهو يوبخ كبرياء أيوب31 هل قال أحد لله: لقد تحملت العقاب فلن أعود إلى الإساءة؟32 علمني ما لا أراه، وإن كنت قد أثمت فإنني عنه أرتدع.33 أيجزيك الله إذا بمقتضى رأيك إذا رفضت التوبة؟ لأن عليك أنت أن تختار لا أنا، فأخبرني بما تعرف.34 إن ذوي الفهم يعلنون، والحكماء الذين ينصتون إلى كلامي يقولون لي:35 إن أيوب يتكلم بجهل، وكلامه يفتقر إلى التعقل.36 ياليت أيوب يمتحن أقسى امتحان، لأنه أجاب كما يجيب أهل الشر.37 لكنه أضاف إلى خطيئته عصيانا، إذ يصفق بيننا باحتقار، مثرثرا بأقوال ضد الله!»